4 - لا تجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه تماما: فلا يصح للحافظ أبدا أن ينتقل إلى مقرر جديد في الحفظ إلا إذا أتم تماما حفظ المقرر القديم وذلك ليثبت ما حفظه تماما في الذهن. ومما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الدارس شغله طيلة الليل والنهار وذلك بقراءته في الصلاة السرية، وإن كان إماما ففي الجهرية، وكذلك في النوافل، وفي أوقات انتظار الصلوات، وبهذه الطريقة يسهل عليه الحفظ ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولا بأشياء أخرى.
5 - حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك: مما يعين تماما على الحفظ أن يجعل الحافظ لنفسه مصحفا خاصا (أي أن يعتمد طبعة معينة) لا يغيره مطلقا وذلك لأن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، حيث تنطبع صور الآيات ومواضعها في المصحف في الذهن مع القراءة والنظر في المصحف، فإذا غير الحافظ مصحفه الذي يحفظ فيه، أو حفظ من مصاحف شتى متغيرة مواضع الآيات فإن حفظه يتشتت ويصعب عليه الحفظ.
6 - الفهم طريق الحفظ: من أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض، ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسير بعض الآيات والسور التي يحفظها، وعليه أن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك ليسهل عليه استذكار الآيات. ولكن لا يعتمد في الحفظ على الفهم بل عليه بالترديد والتكرار ليسهل عليه الحفظ.
7 - لا تجاوز سورة حتى تضبطها: بعد إتمام سورة من القرآن، لا ينبغي للحافظ أن ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد إتمام حفظها، وربط أولها بآخرها، وأن يجري لسانه بها بسهولة ويسر دون إعنات فكر وكد خاطر في تذكر الآيات، بل يجب أن يكون الحفظ متيسرا، ولا يجاوزها إلى غيرها حتى يتقن حفظها.
8 - التسميع الدائم: يجب على الحافظ ألا يعتمد على تسميع حفظه لنفسه، بل عليه أن يعرض حفظه على حافظ آخر، أو متابع آخر في المصحف ويكون هذا الحافظ أو المتابع متقن للقراءة السليمة، حتى ينبه الحافظ لما قد يقع فيه من أخطاء في النطق أو التشكيل أو النسيان، فكثيرا ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر إلى المصحف لأن القراءة كثيرا ما تسبق النظر فينظر مريد الحفظ في المصحف لا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته. ولذا فتسميع القرآن لشخص وسيلة جيدة لاستدراك الخطأ.
9 - المتابعة الدائمة: يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من شعر أو نثر، لأن القرآن سريع الهروب من الذهن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها) متفق عليه، فلا يكاد القارئ يتركه قليلا حتى يهرب منه وينساه سريعا، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت) متفق عليه. وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءا من القرآن كل يوم، وأكثره قراءة عشرة أجزاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه) متفق عليه، وبهذه المتابعة المستمرة يستمر الحفظ ويبقى.
10 - العناية بالمتشابهات: القرآن الكريم متشابه في معانيه وألفاظه، قال تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله). لذا يجب على قارئ القرآن الجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات، ونعني التشابه اللفظي وعلى قدر الاهتمام به يكون الحفظ جيدا.
11 - اغتنام سني الحفظ الذهبية: فالموفق من وفقه الله تعالى إلى اغتنام سنوات الحفظ الذهبية، وهي من سن الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريبا، فالإنسان في هذه السن تكون حافظته جيدة جدا، فقبل الخامسة يكون دون ذلك وبعد الثالثة والعشرين يبدأ الخط البياني للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم بالصعود، لذا على الشباب ممن هم في هذه السن اغتنام ذلك بحفظ كتاب الله تعالى حيث تكون مقدرتهم على الحفظ سريعة وكبيرة والنسيان يكون بطيئا جدا بعكس ما بعد تلك السني الذهبية، وقد صدق من قال: (الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء).
وبعد، فإن من حق كتاب الله علينا أن نحفظه ونتقن حفظه، مع الاهتداء بهديه واتباعه وجعله دستور حياتنا ونور قلوبنا وربيع صدورنا وعسى أن تكون تلك القواعد أساسا طيبا لمن يريد حفظ كتاب الله تعالى بإتقان وإخلاص. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد