تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 11:37 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

عند ذكره لأنواع النسخ في القرآن الكريم، قال د. عبد الله الجديع:

نسخ التلاوة مع بقاء الحكم

وهذا النوع قليل الوجود في النصوص المنقولة إلينا، وثبوت حكمه مع نسخ تلاوته إنما عرف عن طريق النقل الثابت.

ومن أمثلته ما يلي:

1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:إن الله بعث محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها (وفي رواية: وقد قرأتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، رجم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورجمنا بعده، (وفي رواية: ولولا أن يقولوا: أثبت في كتاب الله ما ليس فيه، لأثبتها كما أنزلت)، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله، ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبَل، أو الاعتراف (1).

2 - وعن عمر بن الخطاب كذلك، قال:ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو: إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم (2).

3 - وعن زيد بن أرقم، قال:لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما آخر، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب (3).

4 - وعن أبي بن كعب:أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال له: إن الله أمرني أن أقرأ عليك، فقرأ عليه: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتب}، فقرأ فيها: إن ذات الدين عند الله الحنيفية المسلمة، لا اليهودية ولا النصرانية، من يعمل خيرا فلن يكفره. وقرأ عليه: ولو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له ثانيا لابتغى إليه ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب (4).

ومن هذا القبيل ما حدث به أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال:أنزل الله عز وجل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه، حتى نسخ بعد: أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا ورضينا عنه (5).

فهذه فضيلة لا ينسخ حكمها، إنما النسخ رفع تلاوتها من القرآن.

والأخبار المثبتة لوقوع هذا النوع من النسخ أكثر من هذا، وهذا الذي ذكرت من أثبته إسنادا وأحسنه.

واعلم أن تسمية هذا نسخا من جهة كونه قد رفع، فهو إطلاق لفظ (النسخ) على مجرد الرفع.

ومن الناس من ذهب إلى رد وجود هذا النوع من النسخ وتعرض لبعض الأحاديث الواردة بذلك بالتضعيف، ولأخرى بالتأويل، ولم يتعرض لطائفة أخرى منها وهي ثابتة صريحة، كهذا الذي ذكرت، والصواب ما بينت من ثبوت هذا النوع من النسخ واندراجه تحت القول بصحة النسخ، وهذا أبعد عن طريق رد الصحيح الثابت بغير حجة مع إمكان حمله على معنى صحيح.


(1) حديث صحيح. متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 6441، 6442، 6892) ومسلم (رقم: 1691) من طريق الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس، عن عمر. والرواية الأخرى لابن ماجه (رقم: 2553) من طريق الزهري بإسناد صحيح. والرواية الثانية لأحمد (رقم: 352) والنسائي في (الكبرى) (رقم: 7151، 7154) من طريق شعبة بن الحجاج، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، عن عمر، بها. قلت: إسنادها صحيح.
(2) حديث صحيح. أخرجه البخاري (رقم: 6442)، وهو جزء من حديثه في قصة الرجم.
(3) حديث صحيح. أخرجه أحمد (32/ 31 رقم: 19280) وأبو عبيد في (فضائل القرآن) (ص: 323) والبزار (رقم: 3639 - كشف الأستار) والطبراني في (الكبير) (5/ 207 رقم: 5032) من طرق عن يوسف بن صهيب، قال: حدثني حبيب بن يسار، عن زيد، به. قلت: وإسناده صحيح.
(4) حديث جيد الإسناد. أخرجه الطيالسي (رقم: 539) وأحمد (5/ 131) والترمذي (رقم: 3898) وعبد الله بن أحمد في (زوائد المسند) (5/ 132) وأبو نعيم في (الحلية) (رقم: 5272) والحاكم (رقم: 2889) والضياء في (المختارة) (رقم: 1162، 1163) من طرق عن شعبة بن الحجاج، عن عاصم، قال: سمعت زر بن حبيش يحدث، عن أُبَيّ، به.
قلت: عاصم هذا هو ابن أبي النجود، مقرئ صدوق جيد الحديث. وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح)، وقال الحاكم: (صحيح الإسناد).
(5) حديث صحيح. متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 2647 ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: 677). وبئر معونة موضع بين مكة والمدينة، قتل عنده المشركون سرية من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عدتهم سبعون رجلا من قراء القرآن، كما جاء في روايات حديث أنس هذا.
انتهى كلام د. عبد الله الجديع (المقدمات الأساسية: ص 245 - 248).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير