وقال شيخ هذا الفن بلا منازع العلامة الحافظ بن الجزري في نشره بعد أن تبدل النون الساكنة أو التنوين ميما فلا فرق بين الإخفاء الشفوي والقلب.
وإني لأرجو بشدة من أي عالم أو باحث أو طالب علم إن وقف على أي تصريح لأي عالم قديم بترك تلك الفرجة، فليأتنا به مشكورا، لأني مع شدة التتبع , ومن قرأت عليهم من المجازيين المتصل سندهم بالنبي I لم أر إلا التصريح بالإطباق مع العلم أني قرأت على المشايخ المسندين بالإطباق وكل من أعرفهم من أصحاب الأسانيد العالية مطبقون للشفتين على الميم الساكنة عند ملاقاتها حرف الباء. والفيصل في هذه المسألة نص صريح من القدماء. وهذه نصوص الأئمة المعتبرين صريحة لا تحتمل التأويل تنص نصا صريحا بالإطباق وإليكها.
{الحافظ أبو عمرو البصري أحد القراء السَّبع قال بالإطباق}
في كتاب الإدغام الكبير لأبي عمرو البصري لم يصرح رحمه الله بترك فرجة عند ملاقاة الميم للباء وكل الآخذين عنه لم يصرحوا بهذه الفرجة فعُلم إبقاء الميم على أصلها. وهذا الكتاب عبارة عن مخطوطة طبع وحقق مرتين الأولى بتحقيق الشيخ: أنس بن محمد حسن مُهرة طبعة دار الكتب العلمية بيروت وهذه الطبعة متوسعة وفيها كلام ابن الجزري والمرة الثانية طبع بتحقيق: د عبد الكريم محمد حسين من منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت وهذه الطبعة موجزة ومختصرة لبحث الإدغام الكبير.
{الحافظ طاهر بن غلبون شيخ الداني ومكيّ قال بالإطباق}
نصوص العلماء في إطباق الميم المخفاة مع الباء التصريح بها هو الأكثر أو الإشارة بقولهم ميما خاصة ولا يوجد أدنى تنويه بترك الفرجة ومن ذلك ما جاء عن الإمام طاهر بن غلبون بن عبد المنعم ثقة ضابط (ت 399) من قوله في فصل: الإشمام عن الإدغام الكبير لأبي عمرو وبعد ذكره لاختلاف الطرق عن أبي عمرو في جواز الإشمام وامتناعه عند إدغام الباء في الباء، والميم في الميم، والميم في الباء:" وبما رواه اليزيدي آخذ لصحته، وذلك أنه إنما يعني بالإشمام هاهنا أنه يشير إلى حركة الرفع والخفض في حال الإدغام، ليدل على أن الحرف المدغم يستحق هذه الحركة في حال الإظهار حرصا عل البيان، وذلك متعذر في الميم مع الميم، وفي الباء مع الباء، من أجل إطباق الشفتين فيهما، وأما الميم مع الباء فهي مخفاة لا مدغمة، والشفتان ينطبقان أيضاً معهما " نقلا من كتاب التذكرة في القراءات الثمان بتحقيق الشيخ أيمن سويد , وهذا نص صريح لا يحتمل التأويل و فيه رد وإقامة للحجة على من تعصب لترك الفرجة في الميم من غير دليل. فقد أشار أن الميم عند ملاقاتها الباء تنطبق الشفتين عليها وسمَّى هذا العمل عندهم إخفاءً , وهذا النص الصريح أيضا فيه رد على بعضِ شيوخ العصر القائلون كيف تنطبق الشفتين ونسميه إخفاءً؟.
وجاء في مجلة الفرقان العدد 40 بالكويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فإن جمهور أهل الأداء في زماننا يصفون نطق الميم الساكنة قبل الباء في مثل: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} [النجم: 28]، وفي مثل: {أَنْ بُورِك} [النمل:8]،بأنه إخفاء، ومنهم من يسميه إخفاءً شفويّاً، لكنهم مختلفون في كيفية نطق الميم المخفاة، فمنهم من يطبق شفتيه للميم والباء، ومنهم من يفتح شفتيه قليلاً لنطق الميم، ثم يطبقهما لنطق الباء.
وكنت قد درست هذا الموضوع، وجمعت أقاويل العلماء فيه في وقت سابق (1)، والذي جعلني أعود إليه هو أني وقفت على أدلة جديدة تعزّز ما رجحته من قبل في كيفية نطق الميم المخفاة عند الباء، ويمكن أن أعرض تلك الأدلة من خلال تقسيمها إلى دليل نقلي وآخر عقلي:
(1) الدليل النقلي:
وقفت مؤخراً على نص يؤكد بشكل واضح انطباق الشفتين في إخفاء الميم عند الباء، فقد قال عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد، أبو محمد المالقي (ت 705هـ) في كتابه: شرح التيسير للداني، المسمى: الدر النثير والعذب النمير، وهو يتحدث عن قلب النون الساكنة والتنوين ميماً قبل الباء: " لا خلاف في لزوم القلب في جميع هذه الأمثلة وما أشبهها، وحقيقة القلب هنا أن تلفظ بميم ساكنة بدلاً من النون الساكنة، ويُتَحَفَّظُ من سريان التحريك السريع، ومعيار ذلك: أن تنظر كيف تلفظ بالميم في قولك: الخَمْر والشَّمْس، فتجد الشفتين
¥