تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنقول: ولِمَ لا يمدّون وإنّك لترى كثيرا من المتعلّمين يقولون " الآذان "–الّذي هو الإعلام بدخول وقت الصّلاة- بدلا من الأذان؟ فاضطرّت العامّة إلى أن يجمعوا "الآذان"-الّتي هي آلة السّمع- جمعا غريبا، لا جمع ولا مثنّى عند علماء العربيّة، تخاله من لفظه أَكْلَةً شعبيّة!!

وتسمعهم يقولون: لاحظته، بدلا من لحظته، والفرق واضح، فالملاحظة تقع من اثنين كلّ منهما يلحظ صاحبه، أمّا الملحوظة فمعناها الشّيء الّذي يلحظه المرء ويلفت انتباهه.

وتسمعهم يقولون: ساهمت يريدون بذلك الاشتراك في الشّيء، والصّواب: أسهمت من الإسهام، أمّا (ساهمت) فمعناها إجراء القرعة، ومنه قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141)} [الصّافّات]. وغير ذلك.

ويمكننا أن نعتذر لهم عن المدّ الزّائد في (حاوز) بأحد أمرين:

الأوّل: ربّما كان أوّل من أدخل هذا المدّ طالب علم، فأزال التّشديد الّذي يفيد التّعدية من (حوّز)، وأعاضه بصيغة (فاعل) الّتي تفيد التّعدية أحيانا، فإنّ الفعل اللاّزم يمكن أن يصير متعدّيا إذا حوِّل إلى صيغة (فاعل)، نحو: ماشَيتُه [16].

أو أنّه قاس على بعض الأفعال الّتي تأتي على وزن (فاعل) ومعناها (فعل)، كقولك: عاقبت اللصّ، وسافرت، قال مكّي بن أبي طالب رحمه الله:" وقد تأتي المفاعلة من واحد في كلام العرب، قالوا: طارقت النعل، وداويت العليل، وعاقبت اللصّ، والفعل من واحد " اهـ[17]. وفي كلا الحالتين يكون قد جانب الصّواب لأنّ ذلك قليل يحتاج إلى دليل، والله أعلم.

الثّاني: أنّهم وهِموا فخلطوا فعلا بآخر، فالمُحاوَزَةُ في اللّغة المخالطة، وحاوَزَه: خالطه. [18]

(فائدة): من الأسماء الّتي تطلق على الإناث في أرياف بلادنا (حِيزيّة)، فهل لهذا الاسم تعلّق بما ذكرنا؟

فنقول: الأصل أن يقال: حوزيّة، بالواو لا بالياء، قال الأَعشى يصف:

إِبلاً حُوزِيَّة طُوِيَتْ على زَفَراتِها طَيَّ القَناطِرِ قد نَزَلْنَ نُزُولا

والمعنى: أنّها مُنْقَطِعَة القَرِينِ، إذ انحازت عن الجميع بأوصاف فائقة.

وإنّما قلبوا الواو ياءً، فكسروا ما قبلها.

والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم.


[1] " العين " للخليل، و" المحيط في اللّغة " لابن عبّاد، و" الصِّحاح " للجوهريّ، و" المخصّص" و" المحكم " لابن سيده، و"تهذيب اللّغة" للأزهريّ،.
[2] أي: قضاؤها، وهذا الوزن يفيد التّوكيد، كما في قوله تعالى: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً} أي: تكذيبا، قال الفرّاء-كما في "اللّسان"-: " وهي لغة يمانية فصيحة، يقولون: كَذَّبْتُ به كِذَّاباً، وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً، وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ في لغتهم مُشدّدةً ".
[3] " العين "، و" المخصّص "، و" أساس البلاغة "، وغيرها، ولم يعزُه أحد منهم إلى قائل معيّن، وفي " التّهذيب " (5/ 134) عن الفرّاء أنّه لبعض بني كلاب.
[4] " تهذيب اللّغة "، و" لسان العرب ".
[5] " القاموس المحيط "، و" المخصّص "، و" المحكم " لابن سيده، و" لسان العرب "، و" تاج العروس ".
[6] " الجمهرة " لابن دريد.
[7] " أوضح المسالك " (4/ 52)، و" شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك "، و" شرح الأشموني " (3/ 167).
[8] " حاشية الصبّان على الأشموني" (3/ 167).
[9] " الصّحاح " للجوهري.
[10] وعبارته في " درّة الغوّاص في أوهام الخواص " للحريري: " ويقولون في جمع حاجة حوائج، فيوهمون فيه كما وهم بعض المحدثين في قوله
إذا ما دخلت الدار يوماً ورفعت ... ستورك لي فانظر بما أنا خارج
فسيان بيت العنكبوت وجوسق ... رفيع إذا لم تقض فيه الحوائج "
[11] المقصود من كلامه أنّ ما كان على هذا الوزن لا يجمع على (فعائل)، مثل حارة، وغارة، وجارة، فلا يقال في جمعها: حرائر وغرائر وجرائر.
[12] وقد صحّحه الشّيخ الألباني رحمه الله في " السّلسلة الصّحيحة " (1453)، لوروده من طرق كثيرة، والله أعلم.
[13] " تفسير ابن كثير ".
[14] " البحر المحيط " لأبي حيّان، و"تفسير القرطبي"، و" زاد المسير " لابن الجوزي، و" فتح القدير " للشّوكاني.

[15] / لفظ مسلم: ((فَحَرِّزْ عِبَادِي)) أي: ضُمّهم واجعله لهم حرزا، وقال القاضي عياض: " وروي (حوِّز) -بالواو والزاي – ومعناه: نَحََّهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور " ["شرح النّووي"].
[16] / انظر " شذا العرف " للحملاوي.
[17] / " تفسير القرطبي " عند تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}، وقد ذكر غير واحد ذلك في تفسير قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللهَ} اعتقادا منهم أنّ الخداع لا يجوز على الله تعالى،
[18] / " لسان العرب

ـ[آل شطارة الجزائري]ــــــــ[07 - 10 - 09, 09:48 م]ـ
جزاك الله أخي الكريم خير الجزاء وجعلها في ميزان حسناتك، وقد نقلتها إلى جهازي وأنا أتمتع بقراءتها، رحم الله الشخ أبا جابر و أجزل مثوبته على ما يقدم.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير