تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وستجد الجواب في قوله: ((فهم ككل ماضي يسيرون إلى الخلف ونحن ككل حاضر نسير إلى الأمام))، فهذه الجملة المضطربة الركيكة ليس فيها الدليل على ما ذكرت من انحطاط لغة الجزائريين فحسب، بل فيها الحجة على الانحطاط الفكري والعقلي الذي وصل إليه من يجعلون من أمثال طاهر وطار ووسيني الأعرج وزينب الأعوج أدباء بله رواده وأساطينه.

وستجد الجواب صريحا في قول طاهر وطار نفسه: ((العربية دخيلة علي ولا تسكنني كما تسكنني لغة أمي وأبي ومحيطي)).

وقديما وجد الدكتور مصطفى الغماري في مقاله ((لغة طاهر وطار في رواية الولي الطاهر) الجواب لسؤالك فقال: ((وما سر انتحار اللغة في روايتك؟! ... فما أراك في الجواب إلا متقمصا مسوح جبران حين انتقده البعيد والداني؛ فضج بالنقد وصاح: لكم لغتكم ولي لغتي)).

قلت أخي الكريم: (لغة الجزائري هي العربية).

أخي آل شطارة ليس من العدل أن تكون أنت الشاهد وأنت الخصم والحكم، ثم كيف وصل بك الأمر أن ترى سحبان في باقل

أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظلم

إن القول بأن دارجة الجزائريين عربية مكابرة، فهذا حافظ إبراهيم في وقته وفي أرض الكنانة يخبر أن اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها وأنشد:

سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى لعاب الأفاعي في مسيل فرات

فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة مشكلة الألوان مختلفات

ولقد أجاد ابن خلدون في بيان ما آل إليه أمر العربية عند المغاربة عموما فقال: ((أما إفريقية والمغرب فخالطت العرب فيها البرابرة من العجم، بوفور عمرانها بهم، ولم يكد يخلو عنهم مصر ولا جيل؛ فغلبت العجمة فيها على اللسان العربي الذي كان لهم، وصارت لغة أخرى ممتزجة، والعجمة فيها أغلب لما ذكرناه؛ فهي عن اللسان الأول أبعد)).

ويصف الأستاذ هشام النحاس وهو باحث سوري حال الدارجة الجزائرية فيقول: ((من أكثر الألسنة العامية الدارجة تعرضاً للغزو والتغريب والتعجيم والتشويه ومحاولة المحو هو مثال العامية الدارجة في القطر الجزائري الشقيق الذي حرمت عليه لغته الأم طيلة قرن وثلث القرن)).

وقد أصاب بلديك عبد المالك مرتاض المحز وطبق المفصل لما بين علاقة الجزائريين مع اللغة فقال: (أضحوا يدورون في فلك اللا لغة)).

ومن غريب الاتفاقات أن الجزائري يسمي كلامه (هدرة) وهي من بقايا الفصيح في دارجتنا وبالرجوع إلى المعاجم العربية نجد أن معانيها ألصق بأصوات البهم والحمر منه بأصوات الأوادم.

نقلت أخي آل شطارة كلامي الأول: (وإنما الذي يستطاع تحديده وحصره هو الكلمات العربية .... ). قلت أخي آل شطارة: (فيفهم القارئ ... ). والأصل أن تقول ففهمت؛ لأن الفهوم تختلف والمدارك تتفاوت. وإن نفي استطاعة الحصر في كلامي جار على سنن العرب في النفي فيحمل على بعض الأحوال والقيود، وهذا كما يعبر الكثير فيقول الأدلة في الباب كثيرة لا تعد ولا تحصى، وهم لا يريدون مطلق النفي إنما في هذا المقام، وهذا كثير في كلامهم.

المهم أن فهم العبارات يكون على سنن العرب وطرائقهم لا على نهج المناطقة الجدليين ومماحكتهم.

قلت أخي الكريم: (ولا يمكن أن يكون المحصور هو الأصل، إذ الأصل أبدا لا يحصر لاتساعه).

ما أدري في أي كتب القواعد والأصول تقرأ، وما معنى الاستثناء من الأصل إذا كان لا يحصر، وما معنى كون الاستقراء دليل القواعد إذا كان لا يحصر؟! أخي آل شطارة الأصل في بابه يحصر سواء اتسع أم ضاق.

قلت أخي الكريم: (ولست أصلا ممن يُسمع كلامه في الإشادة بفضل سلفنا فضلا عن أن يُسمع في التنكر لفضلهم).

ومن قال لك إن ذلك لا يسمع، أو تظن أنك تكتب بالدارجة الجزائرية؟! وما فائدة الكتابة وتسور مقام الإصلاح والتأثير إذن؟! إن التنكر لأولي الفضل والطعن فيهم يسمع في بلدك من الغانيات وممن لا يعرف بنسب، فكيف لا يسمع من رجل كريم الأصل شريف المحتد؟!

قلت أخي الكريم: (على كل حال الفائدة موجودة والأجر مرجو عند الله).

لا وجود لما توهمته فائدة؛ إذ ما ثمرة تعلم مفردات يحسب أنها فرنسية وهي محرفة جدعاء، وما أظن أن شخصا يرجو الثواب والأجر بتعليم الخطأ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير