تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التأويل: مفهومه - معانيه - أمثلة عليه]

ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[20 Nov 2005, 04:56 م]ـ

التأويل

مفهومه – معانيه – أمثلة عليه

تعريف كلمة التأويل في اللغة: أصل هذه الكلمة مادة (أول).

وهذه المادة تدور حول معاني الرجوع، والعاقبة، والمصير، والتفسير.

وهذا يعني أن تأويل الكلام هو الرجوع به إلى مراد المتكلم، وإلى حقيقة ما أخبر به.

معاني التأويل في الاصطلاح: صار لفظ التأويل - بتعدد الاصطلاحات - مستعملاً في ثلاثة معانٍ [1]:

أحدها: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به.

وذلك مثل تأويل معنى (يد الله) بـ: النعمة، أو القدرة.

ومثل تأويل (استواء الله على عرشه) بـ: الاستيلاء، وهكذا ...

وهذا المعنى من معاني التأويل هو اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله، وهو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وترك تأويلها، وهل هذا محمود أو مذموم، وحق أو باطل؟

قال ابن حزم -ر حمه الله - في هذا المعنى من معاني التأويل: (التأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر؛ فإن كان نقله قد صح ببرهان، وكان ناقِلُه واجبَ الطاعة - فهو حق.

وإن كان نقله بخلاف ذلك اطُّرح، ولم يلتفت إليه، وحُكم لذلك النقل بأنه باطل) [2].

شروط التأويل الصحيح: يشترط لصحة التأويل بمعناه عند المتأخرين شروط هي:

1 - أن يكون اللفظ المرادُ تأويله يحتمله المعنى المؤول لغة أو شرعا؛ فلا يصح -على هذا- تأويلات الباطنية التي لا مستند لها في اللغة أو الشرع، بل ولا العقل.

2 - أن يكون السياق محتملاً، مثل لفظ (النظر) فهو يَحْتَمل معانيَ في اللغة، ولكنه إذا عدِّي بـ: (إلى) لا يحتمل إلا الرؤية.

3 - أن يقوم الدليل على أن المراد هو المعنى المؤول.

4 - أن يسلم دليل التأويل من معارض أقوى؛ فإذا اختل شرط من الشروط فهو تأويل فاسد.

مثال للتأويل الصحيح:

قال الله - عز وجل -: [نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ] (التوبة: 67).

فقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النسيان هنا هو الترك.

وقد دل على هذا التأويل تصريحاً قوله - تعالى -: [وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً] (مريم: 64).

وقوله: [فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى] (طه: 52) [3].

حكم التأويل بمعناه الحادث عند المتأخرين:

1 - قد يكون صحيحاً إذا اجتمعت فيه الشروط - كما مر -.

2 - قد يكون خطأ كتأويلات بعض العلماء الذين أخطأوا في تأويل بعض نصوص الصفات.

3 - قد يكون بدعة كتأويلات الأشاعرة، والمعتزلة.

4 - قد يكون كفراً كتأويلات الباطنية.

سبب ظهور مصطلح التأويل:

يبدو أن ذلك كان إبان ظهور القول بالمجاز الذي هو قسيم الحقيقة.

ومن هنا فإن مصطلحي: التأويل والمجاز متلازمان.

المعنى الثاني من معاني التأويل: التفسير:

التفسير في اللغة: أصل هذه الكلمة مادة: (فسر).

وهذه المادة تدور في لغة العرب حول معنى البيان، والكشف، والوضوح [4].

التفسير في الاصطلاح: هو بيان المعنى الذي أراده الله بكلامه [5].

وعرفه ابن جُزي - ر حمه الله - بقوله: (معنى التفسير: شرح القرآن، وبيان معناه، والإفصاح عما يقتضيه بنصه، أو إشارته) [6].

وعرفه الزركشي -ر حمه الله - بقوله: (علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه " وبيان معانيه، واستخراج حكمه وأحكامه) [7].

وهذا المعنى من معاني التأويل معنى صحيح معروف عند السلف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - ر حمه الله - في معرض حديث له عن أنواع التأويل: (والثاني: أن التأويل بمعنى التفسير.

وهذا هو الغالب على اصطلاح مفسري القرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله من المصنفين في التفسير: (واختلف علماء التأويل).

ومجاهد إمام المفسرين، قال الثوري: إذا جاء التفسير عن مجاهد فحسبك به، وعلى تفسيره يعتمد الشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وغيرهم؛ فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره) [8].

والنصوص الواردة عن العلماء في هذا الصدد كثيرة لا تكاد تحصر، ومنها قول الشافعي في كتابه الأم في أكثر من موضع: (وذلك - والله أعلم - بيِّن في التنزيل مستغنىً به عن التأويل) [9].

المعنى الثالث من معاني التأويل:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير