[سؤال عن اللف والنشر]
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 Mar 2006, 01:19 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
من المعلوم لدى إخواني أعضاء الملتقى أن أسلوب اللف والنشر قد جاء في محكم التنزيل في أكثر من موضع:
فمن المرتب، وهو الأصل، قوله تعالى: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع)، فقابل كل صنف بنظيره مع التزام الترتيب، فأتى بالأعمى ثم الأصم، ثم ذكر نقيض الأعمى وهو البصير ثم نقيض الأصم وهو السميع.
ومن غير المرتب، وهو الفرع، قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون)، فأتى أولا بأصحاب الوجوه البيض ثم أتبعهم بأصحاب الوجوه السود، ولما فرع بـ "أما"، ذكر الآخرين أولا والأولين آخرا، فما العلة التي سوغت الخروج عن الأصل في هذه الآية الكريمة، وتحت أي صنف من أصناف علوم اللغة يندرج هذا الأسلوب، هل هو من أساليب البلاغة أم البيان؟ وجزاكم الله خيرا
ـ[روضة]ــــــــ[16 Mar 2006, 12:51 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
اللف والنشر:
وهو أن نذكر عدة أشياء، ثم نذكر لكل واحد ما يناسبه وما يتصل به، وهو قسمان:
1. اللف والنشر المرتب: وهو أن نذكر الأشياء المتعددة، ثم نذكر ما يتصل بها على سبيل الترتيب، الأول للأول، والثاني للثاني، وهكذا ..
2. اللف والنشر المشوش (المعكوس): وهو أن نذكر الأشياء ثم نذكر ما يتصل بها، ولكن لا على سبيل الترتيب، فربما نذكر المتقدم للمتأخر، والمتأخر للمتقدم، وهكذا. (البلاغة فنونها وأفنانها، علم البيان والبديع، د. فضل عباس، ص294).
فمبحث اللف والنشر من مباحث علم البديع الذي هو قسم من أقسام علم البلاغة الثلاثة (المعاني، والبيان، والبديع).
هذه الآية الكريمة من النوع الثاني، وعدم الترتيب فيها لنكتة بيانية، ذكرها المفسرون، كأبي السعود، حيث قال:
{فَأَمَّا ?لَّذِينَ ?سْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} تفصيلٌ لأحوال الفريقين بعد الإشارةِ إليها إجمالاً، وتقديمُ بيانِ هؤلاءِ لما أن المَقام مقامُ التحذيرِ عن التشبه بهم مع ما فيه من الجمع بين الإجمال والتفصيلِ والإفضاءِ إلى ختم الكلامِ بحسن حالِ المؤمنين كما بُدىء بذلك عند الإجمالِ.
وقال العلامة الألوسي:
{فَأَمَّا ?لَّذِينَ ?سْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} تفصيل لأحوال الفريقين وابتدأ بحال الذين اسودت وجوههم لمجاورته {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} وليكون الابتداء والاختتام بما يسر الطبع ويشرح الصدر.
وجاء في التحرير والتنوير:
وقوله تعالى: {فأما الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم} تفصيل للإجمال السابق، سُلك فيه طريق النشَّر المعكوس، وفيه إيجاز لأنّ أصل الكلام، فأمّا الَّذين اسودّت وجوههم فهم الكافرون يقال لهم أكفرتم إلى آخر: وأمّا الَّذين ابيضّت وجوههم فهم المؤمنون وفي رحمة الله هم فيها خالدون.
قدّم عند وصف اليوم ذكر البياض، الَّذي هو شعار أهل النَّعيم، تشريفاً لذلك اليوم بأنَّه يوم ظهور رحمة الله ونعمته، ولأنّ رحمة الله سبقت غضبه، ولأنّ في ذكر سمة أهل النَّعيم، عقب وعيد بالعذاب، حسرةً عليهم، إذ يعلم السَّامع أنّ لهم عذاباً عظيماً في يوم فيه نعيم عظيم، ثُمّ قُدّم في التفصيل ذكر سمة أهل العذاب تعجيلاً بمساءتهم.
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 Mar 2006, 02:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا أيتها الكريمة