[لا إعجاز للقرآن إلا بالبلاغة]
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[15 Mar 2006, 06:41 ص]ـ
[لا إعجاز للقرآن إلا بالبلاغة]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
استثارني موضوع القرآن وإعجازه، وقد انصرف كل منصرف إلى ما يرتئي من أوجه لأعجاز القرآن ومنها:
الوجه العلمي
الوجه التاريخي الماضي (أخبار السابقين)
الوجه الغيبي (المستقبلي)
الوجه العددي
الوجه اللوني (الألوان في القرآن)
الوجه النفسي (التأثير النفسي)
وفي كل يوم جديد قد يخرج الجديد من هذه الأوجه، ومنها أُوجس خيفة، ويتطرق الشك إلى عقلي، وتداهمني الأسئلة المتلاحقة؛ هل يحتاج القرآن إلى كل هذا الكم الهائل من الأوجه التي تسمى إعجازية؟ ولم كل هذا التهافت على هذه الأمور ولحاقها بشكل مستمر؟ وهل يجب البحث عنها واستظهارها؟ ألا يكفينا ما عندنا من إعجاز القرآن ببلاغته وفصاحته بأسلوبه الأخاذ؟ وبما يتمثل في هذا الأسلوب من القوة والوضوح والجمال؟
وللإجابة على هذه الأسئلة امتطيت جواد الجَد، وشمرت عن ساعد الجِد، علَّنِي استطيع أن أواجه كل هذه التيارات المتدفقة، والتي تكاد تكون مجتمعة على جعل هذه الأوجه مظهر إعجاز للقرآن الكريم، والله الكريم أستعين، وبه أستجير، وأسأله التوفيق، وأن يُرِينَا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا، ويرزقنا اجتنابه.والله يُعين ويوفق سبحانه ما أوسع رحمته.
أقول وبالله المستعان:
القرآن هو معجزة للنبي محمد، وأنه وإن كانت هنالك معجزات أخرى للنبي. قد جرت على يده غير القرآن، كما ورد ذلك في القرآن وفي صحاح السنة، فإن النبي لم يتحدَّ بها، بل كان التحدي بالقرآن وحده.
ولذا نقول أن القرآن هو معجزة النبي محمد التي بها ثبتت رسالته منذ نزول القرآن عليه إلى يوم القيامة.
وقد أعجز القرآن العرب عن أن يأتوا بمثله وتحداهم أن يأتوا بمثله،
آيات التحدي
:
قال تعالى في تحديه لهم: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} البقرة. (23) وقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. يونس (38) وقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} هود (13).وقد بلغ من تحديه لهم أنه قال لهم لا تستطيعون أن تأتوا بمثله:
{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء (88) وقال:
{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} الطور (34). فعجز الذين خوطبوا بالقرآن عن أن يأتوا بمثله، وعجزهم هذا ثابت بطريق التواتر ولم يعرف التاريخ ولا روى أحد أنهم أتوا بمثله.
وهذا التحدي ليس خاصاً بالذين خوطبوا بل هو تحد ٍ عام ٍ إلى يوم القيامة. لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فالقرآن متحد ٍ للبشر كلهم منذ نزوله إلى يوم القيامة أن يأتوا بمثله.ولذلك ليس القرآن معجزاً للعرب الذين كانوا في أيام الرسول فقط، ولا العرب وحدهم في كل زمان ومكان، بل هو معجز للناس أجمعين، لا فرق بين قبيل وقبيل، لأن الخطاب به للناس أجمعين.قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} سبأ (28).، ولأن آيات التحدي عامة تقول: يشمل الناس جميعاً، ولأن القرآن أخبر عن عجز الإنسان والجن قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء (88).
.
وهنا ينبغي أن نقف وقفة تأمل ونبحث فيها أمراً مهماً وهو:
¥