[ماذا قال القرآن عن "كاترينا" و" ريتا" وأخواتها ...]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[21 Nov 2005, 08:36 ص]ـ
1 -
كاترينا ...
ريتا .....
إعصاران سموهما بتسمية الأنثى ... ولعل التسمية انبثقت من عمق اللاوعي المشترك حيث تتحد صورة الأنثى بمعنى الفاجعة .... فعندنا –نحن العرب أيضا-تفضيل لتذييل أسماء وصفات الكوارث ب"تاء" الأنثى فنقول: كارثة وداهية ومصيبة ... كما نحب أن نبرز الحرب –في أشعارنا- في شخص عجوز شمطاء قد تسمى "حيزبون"أو "عيضموز" ولربما"خيتروع" ونادرا "جيثلوط" ... ونحب-نحن العرب أيضا-أن نذخر صورة الشيخ العجوز لتظهر في سياقات الوقار والرصانة والتأمل-جبل ابن خفاجة- بعيدا جدا عن صورة شواهي ذات الدواهي-حيزبون الليالي-
إعصاران ...... لكن بقدرين مختلفين.
فأما "كاترينا"فقد عاثت في القوم فسادا .... فقطعت قلوبا هناك ... وأشفت غيظ أخرى هنا.
وأما "ريتا" فمرت مرور الكرام ... فما سارت فيهم بسيرة أختها الكبرى ...
وهذا أوان السؤال:
لماذا تلك قد ... ؟
ولماذا هذه لم ... ؟
لم يدم مرض الحيرة طويلا ... فقد أسعفني دواء القرآن. فكان الجواب ناصعا:
-ولأنهم غفلوا عن كاترينا .... أخذوا عن غرة ....
ولأنهم أخذوا أهبتهم واستعدوا ل"ريتا" وتوقعوا شرها .... مرت بدون ضرر يذكر لا رأفة بالقوم الظالمين ولكن لتحق عليهم كلمات الله:" {أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} (44) سورة الأنعام {فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (95) سورة الأعراف {أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (107) سورة يوسف {بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} (40) سورة الأنبياء.
ذلكم هو القانون القرآني الساري في العباد: لا يأتي العذاب إلا من حيث لا يشعر الظالمون.
-2 -
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (8) سورة الجمعة
تبين الآية حالة عجيبة جدا مبنية على تعاقب ثلاث حركات:
-تفرون.
-ملاقيكم.
-تردون.
ولتنظر نفس إلى هذا الوضع المفاجيء للموت ... فبينا هو متصور من جهة الوراء إذ يصعق الفارين منه بمواجهتهم من جهة الأمام ...
كم سيفقد التعبير من قوته التأثيرية لو قيل مثلا: إن الموت الذي تفرون منه فإنه مدرككم.
لأن الفارين من الموت لا يتصورون الموت إلا خلفهم ويتوقعون في أي لحظة أن يدركهم .. وفي تصورهم أيضا أنهم كلما أمعنوا في التقدم إلى الأمام –وهي ضد جهة وجود الموت-كلما اقتربوا من جهة النجاة .... وللنفس الآن أن تتصور حجم الضربة البيانية-لا أقول اللمسة البيانية- في قوله "ملاقيكم" .... أي:جاءكم من أبعد جهة يتوقع أن يكون الموت فيها ... أي: من أمامكم.
حقت كلمة ربكم مرة أخرى: {وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} (26) سورة النحل
3 -
كان لوط –عليه السلام- في موقف عصيب جدا: {قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ} (68) سورة الحجر
{وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} (78) سورة هود
فالأمر-ظاهريا- يستدعي تدخلا عاجلا ..... ومع ذلك فقد قدر رب العالمين أن يكون هلاكهم بعد حين {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (81) سورة هود.
وللسائل أن يسال: لماذا قدر الجبار أن يكون الصبح هو زمن العذاب لا قبله.
وقد يزداد السؤال إلحاحا عندما نلحظ - بصورة شبيهة بالاطراد-أن مهلك الظالمين يتم صباحا:
{وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} (66) سورة الحجر
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} (83) سورة الحجر
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} (73) سورة الحجر
{فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ} (60) سورة الشعراء
{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (78) سورة الأعراف
¥