[طريفة تفسير و .......... تفسير طريفة.]
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 Mar 2006, 11:05 م]ـ
طريفة تفسير ....... وتفسير طريفة.
طريفة التفسير:
رأى عليان أبا يوسف يمشي فقال له: يا أبا يوسف،مسألة؟ فقال أبو يوسف:سل.
فقال عليان: يا أبا يوسف أليس الله قال (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم مافرطنا في الكتاب من شيء)
فقال أبو يوسف نعم.
قال عليان: وأليس الله قال (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير)
فقال أبو يوسف نعم.
فقال عليان: فمن نذير الكلاب يا أبا يوسف؟
فنظر أبو يوسف متأملا ومتعجبا! وقال .. لا أعلم أخبرني من (نذير الكلاب)
فقال عليان لا حتى تأمر لي بفالوذج .. فأمر أبو يوسف من يحضر له طلبه ثم أخذه للمسجد وجلس أبو يوسف وطلابه ينتظرون عليان المجنون حتى يفرغ من الطعام، فلما فرغ قال أبو يوسف .. هيه يا عليان أخبرنا من نذير الكلاب؟
فأبتسم عليان ثم أخرج من جيبه (حجرا) وقال .. هذا نذير الكلاب يا أبا يوسف!
تفسير الطريفة:
قال ابن ماكولا في الإكمال:
أما عليان بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء وفتحها فهو عليان الموسوس كوفى له اخبار.
قلت:ومن أخباره ما جاء في مختصر تاريخ دمشق
عن عطاء السلمي قال:
مررت في أزقة الكوفة فرأيت عليان المجنون على طبيب يضحك منه وما كان لي عهد بضحكه فقلت: ما يضحكك؟ قال من هذا العليل السقيم الذي يداوي غيره وهو مسقام. قلت: فهل تعرف له دواء ينجيه مما هو فيه؟ قال: نعم شربة إن هو شربها رجوت برأه. قلت: صفها قال: خذ ورق الفقر وعذق الصبر وهليلج التواضع ويلنلج المعرفة وغاريقون الفكر ودقها دقا ناعما بهاون الندم واطبخها في طبخة التقى وصب عليها ماء الحياة وأوقد تحتها حطب المحبة حتى يرغو الزبد ثم أفرغها في جام الرضا وروحها بمروحة الجهد واجعلها في قدح القكرة وذقها بملعقة الاستغفار فلن تعود إلى المعصية أبدا قال: فشهق الطبيب وخر مغشيا عليه وفارق الدنيا
قال عطاء: ثم رأيت عليان بعد حولين في الطواف فقلت له: وعظت رجلا فقتلته قال: بل أحييته قلت: وكيف؟ قال: رأيته في منامي بعد ثلاث من وفاته عليه قميص أخضر ورداء وبيده قضيب من قضبان الجنة قلت له: حبيبي ما فعل الله بك؟ قال: يا عليان وردت على رب رحيم غفر ذنبي وقبل توبتي وأقالني عثرتي.
2 - عجيب أمرمجنون الكوفة:
فكأن الرجل يتقن علم المعقول وهو المجنون!!
جند للإيقاع بأبي يوسف فنين:
-فن صناعة المنطق كما هو موروث عن الحكيم أرسطو.
-فن الاستدراج كما هو مأثور عن الحكيم سقراط.
فعن الأول يقال هنا قياسان:
كل الأمم الدابة على الأرض أمم أمثال الناس.
الكلاب أمة تدب على الأرض
فالكلاب أمثال الناس.
ثم يسلسل القياس:
الكلاب أمثال الناس
الناس جاءهم نذير
فالكلاب جاءها نذير
ويمكن صياغة ما سبق في نسق قياس واحد مركب موصول أو منفصل .... المقصود أن أرسطو سيرضى على تطبيق الصنعة ..... بل سيرضى بأقل من ذلك على رأي الحيص بيص:
[من الوافر]:
إذا شُورِكْتَ فِي حالٍ بدُونٍ ... فلا يغشاك عارٌ أو نفورُ
تشارك فِي الحياة بغير خُلفٍ ... اْرِسْطاليسُ والكلب العقور.!!
لكن عليان ارتقى فوق ارسطو درجة: فلم يقدم قياسه بالشكل الجاف الميت بل مزجه بطريقة شيخ شيوخ أرسطو –سقراط- فأضحى المنطق جدليا توليديا .... ولم يكن الضحية إلا أبا يوسف رحمه الله.
فقال عليان: فمن نذير الكلاب يا أبا يوسف؟
وما عساه أن يجيب!
فقد سلم له بالمقدمتين وأقره عليهما ولا بد من حصد النتيجة وإلا فهو الخروج عن العقل و المنطق ....
عليان لم يسأل هل للكلاب نذير ..... فهو عاقل جدا ويعلم أن السؤال عنه عي، وفضول قول،وتحصيل حاصل، لكنه يسأل عن هوية النذير.هذا هو الخليق بالسؤال عنه.
3 - فنظر أبو يوسف متأملا ومتعجبا! وقال .. لا أعلم أخبرني من (نذير الكلاب).
-هل كان عليان داهية؟
-لماذا وقع اختياره على أبي يوسف بالضبط؟
-ثم لماذا وقع اختباره في مضمار القياس؟
-هل كان عليان متعاطفا مع المدرسة الأثرية في الفقه؟
-هل أراد التنبيه على أن التوسع في القياس -على منهج أهل الرأي-قد يؤدي إلى الكارثة؟
أم كان مراده ساذجا بريئا هو الحصول على وجبة طعام فقط.؟
متأملا.
لعله يتأمل المقدمات وإفضاءها إلى النتيجة.
متعجبا .....
¥