تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التنكيت على مراحل التفسير وتدوينه في كتاب التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Jan 2006, 09:40 ص]ـ

إن الشيخ محمد حسين الذهبي قد ألف كتابه النافع المفيد (التفسير والمفسرون)، ولطول خطة البحث التي انتهجها ـ رحمه الله ـ وقع عنده بعض الأخطاء لذلك السبب، فتميز بحثه بالجمع والترتيب، لكن نقصه تحرير بعض المواطن، ولما كان هذا الكتاب من الكتب المعتمدة في الدراسات القرآنية المعاصرة أحببت أن أسدد بعض ما رأيته من الخلل في بعض فصول هذا الكتاب، ومن ذلك ما وقع له من تصور وتنظير لمراحل التفسير، وقد رأيت من ينقل عنه هذه الأفكار دون النظر إلى ما فيها من أخطاء مجانبة لواقع تاريخ التفسير، فأحببت أن ألقي في هذا المقال تعليقات على بعض النقاط التي ذكرها في كتابه فيما يتعلق بمراحل التفسير وتدوينه، ولن اخرج إلى غيرها مما طرحه في هذه المراحل، لكي تكون الفائدة المرجوة محددةً، فيصل المراد من التعليق.

هذا وقد سبق الحديث عن كتاب (التفسير والمفسرون) على هذا الرابط، لمن شاء أن يرجع إليه ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=300 )

وآتي الآن إلى ذكر كلام الشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله تعالى:

أولاً: تقسيم الذهبي لمراحل التفسير:

المرحلة الأولى: التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1: 35 ـ 98).

وقد ذكر من مميزات هذه المرحلة:

أنه اتخذ شكل الحديث، بل كان جزءًا منه، وفرعًا من فروعه، ولم يتخذ التفسير له شكلاً منظمًا، بل كانت هذه التفسيرات تُروى منثورةً لآيات متفرقة، كما كان الشأن في رواية الحديث، فحديث صلاة بجانب حديث جهاد، بجانب حديث ميراث، وبجانب حديث في تفسير آية (1: 98).

أقول:

لا يظهر مراد الشيخ محمد حسين الذهبي ـ رحمه الله ـ في هذا الكلام، فهو يحتمل أنه يريد الرواية الشفهية، فالصحابي يروي على هذه الصورة، وهذا لا يدل عليه الدليل من آثارهم، فليس لهم مجالس إملاء للحديث كي تتم هذه الصورة، وإنما كانوا يذكرون من الأحاديث حسب الحاجة، وليس فيها هذه التقسيمات التي يذكرها (حديث. فرائض. تفسير) بل كانت روايتهم لحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنها أقواله التي تُتلقَّى بالقبول فحسب.

والتصنيف إنما جاء متاخِّرًا، وقد ورد في ترجمة ابن عباس ما يشير إلى اختلاف اهتمامات المتلقين عنه، ومن ذلك ما رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (2: 368) بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، وسيب، ونائل، وما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا أعلم بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن ولا بحساب ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقف رأيا فيما احتيج إليه منه.

ولقد كان يجلس يوما ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازي، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، وما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما)).

وإن كان يريد التدوين، فقد سبق عبارته هذه قوله: ((لم يدوَّن شيء في التفسير في هذا العصر؛ لأن التدوين لم يكن إلا في القرن الثاني. نعم أثبت بعض الصحابة بعض التفسير في مصاحفهم، فظنها بعض المتاخرين من وجوه القرآن التي نزل بها من عند الله تعالى)) (1: 98).

فإذا كان لم يُدوَّن، ولا يُعرف لهم مجالس خاصة لإلقاء الحديث النبوي، فالقول بأنه التفسير فرع من فروع الحديث لا يصلح؛ لأن الحديث كعلم مستقل لم يبرز بَعْدُ.

فائدة:

يلاحظ أنَّه ذكر ما يسميه بعض العلماء بالقراءة التفسيرية، وهذه القضية تحتاج إلى تجلية، من جهة صحة هذا الاطلاق، فمن ذا يستطيع الجزم بأن ما أدخلوه إنما هو تفسير وليس بقراءة؟ إن موضوع القراءت التفسيرية يحتاج إلىإعادة نظر، ألفت إليه هنا، فهي تروى عن الصحابي قراءةً لا تفسيرًا.

ولا يبعد القول أنَّ قَصْدَ تَعَلُّم التفسير وتدوينه كان في عصر الصحابة، وشواهد هذا كثيرة، أذكر منها ـ على سبيل المثال ـ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير