[الألفاظ التي اقترنت بمصطلح (الجاهلية) في القرآن الكريم، ودلالة الاقتران]
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[11 Feb 2006, 06:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الألفاظ التي اقترنت بمصطلح (الجاهلية) في القرآن الكريم
مصطلح الجاهلية مصطلح إسلامي، يراد به عند الإطلاق: الحالة التي كان عليها البشر، قبل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث اندرست معالم النبوة، وامحت آثار الحنيفية.
بل نستطيع القول جازمين: إن مصطلح الجاهلية، يطلق على كل فترة تسبق مبعث نبي من الأنبياء، حيث انحراف الناس عن دين الله وبعدهم عن شريعته. يدل على هذا الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ـ الحديث وفيه ـ (فإنها لم تكون نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية) آخذين بعين الاعتبار؛ الاختلاف في نوع الانحراف، ودرجته.
ومما يلفت النظر أن هناك ألفاظاً بعينها، وردت في القرآن الكريم مقترنةً بمصطلح الجاهلية، وسأعرض بين أيديكم محاولةً للوقوف على دلالة هذا الاقتران، راجياً من أحبابنا الكرام أن يبدوا رأيهم، سائلا الله أن يعصمني من زلل الرأي وخطل القول.
الموضع الأول: في سورة آل عمران: قال تعالى: ((ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا))
هذه الآية الكريمة تتحدث عن موقف المنافقين في غزوة أحد حيث أنزل الله النعاس أمنة للمؤمنين، أما المنافقين فقد أهمتهم أنفسهم. يقول ابن جرير "قوله: (قد أهمتهم أنفسهم) يقول: هم المنافقون لا هم لهم غير أنفسهم، فهم من حذر القتل على أنفسهم وخوف المنية عليها، في شغل قد طار عن أعينهم الكرى، يظنون بالله الظنون الكاذبة ظن الجاهلية من أهل الشرك بالله، شكاً في أمر الله وتكذيباً لنبيه صلى الله عليه وسلم، ومَحْسَبة منهم أن الله خاذل نبيه ومعل عليه أهل الكفر به ... وقوله: (يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك) يقول: يخفي يا محمد هؤلاء المنافقون الذين وصفت لك صفتهم، في أنفسهم من الكفر والشك في الله ما لا يبدون لك، ثم أظهر نبيه صلى الله عليه وسلم على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبراً عن قيلهم الكفر وإعلانهم النفاق بينهم: (يقولون لو كان لنا من الأمر من شيء ما قُتلنا هاهنا) يعني بذلك أن هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا إليهم ولا قتل منا أحد في الموضع الذي قتلوا فيه بأحد" (الطبري:3/ 485).
الموضع الثاني: في سورة المائدة: قال تعالى: ((فَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ))
في هذه الآية ينكر تعالى على اليهود إعراضهم عن حكم الله تعالى، وابتغاءهم ما سواه من حكم الجاهلية، قال ابن كثير "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم، المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل، إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يصنعونها بآرائهم وأهوائهم .. " (تفسير ابن كثير:2/ 207)
الموضع الثالث: في سورة الأحزاب: قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}
¥