[حول مقدمة شيخ الإسلام]
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[27 Jan 2006, 09:33 م]ـ
لا تخفى القيمة العلمية الكبيرة لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية، وما تضمنته من القواعد والفوائد النفيسة لتي أضحت نبراساً لكل من جاء بعده،ابتداءً من تلاميذه إلى عصرنا الحاضر، وإلى ما شاء الله، لقد كانت حفاوة أهل العلم بهذه المقدمة كبيرة جداً، ولا غروَ في ذلك فمن هو مؤلفها، وما منزلته في علم التفسير؟ وهذا أمر متقرر معروف لكل ناظر في هذه المقدمة، لكن الأمر الذي أحب إثارته هنا هو: أن هذه المقدمة أصبحت في هذا العصر هي المتن المفضل وربما الوحيد الذي يشرح للطلاب المبتدئين في علم أصول التفسير ومناهجه، وفي رأي أنها غير مناسبة للمبتدئين لأسباب أهمها:
1/ أنها غير شاملة؛ فهناك موضوعات لا غنى للطالب عنها غير موجودة في هذه المقدمة، وهذا لا يقدح فيها أو في مؤلفها كما سيأتي، لكنها بذلك لا تكفي لبناء الطالب في هذا العلم.
2/ أكثر الكلام في هذه المقدمة يدور حول الخلاف في التفسير وأسبابه وأنواعه، وهذا أمر مهم ولا شك، لكن الطلاب المبتدئين اليوم لا يحتاجون إلى مثل هذا التوسع في هذا الموضوع؛ إذ إن عامتهم يقرأ في التفاسير المختصرة أو مختصرات التفاسير التي لا يذكر فيها الخلاف والأقوال الشاذة والباطلة.
3/ هناك مسائل في هذه المقدمة فيها صعوبة، ويعسر إدراكها على المبتدئين بل على المتوسطين.
4/ هناك استطرادات للشيخ في بغض فصول الرسالة، وهي مفيدة ولكنها تشتت ذهن الطالب المبتدئ غير المتمرس في قراءة كلام الشيخ، وقد عُرف – رحمه الله – بطول النَفَس في بحث بعض المسائل , والاستطراد الطويل , وتكرار الأدلة , والردود بأساليب مختلفة، ولعلَّ ذلك راجع إلى سرعته في الكتابة , واعتماده على حفظه , وعدم نظره فيما يكتب مرة أخرى؛ لكثرة تأليفه , وقيامه بأعباء التعليم , والجهاد , والدعوة , ويظهر ذلك بالمقارنة بين كتبه , وكتب تلاميذه , رحمة الله على الجميع.
أعود وأقول: إن هذه الملحوظات لا تقدح في هذه المقدمة النفيسة ولا في مؤلفها؛ فإن الشيخ – قدس الله روحه – ألفها من إملاء الفؤاد استجابة لرغبة بعض الإخوان كما ذكر، فركز فيها على ما يحتاجه السائل وأمثاله في ذلك الوقت ممن يقرأ في المطولات وجوامع التفاسير التي تحوي الصحيح والسقيم والغث والسمين، ولم يؤلفها لطالب صغير لم يقرأ كتاباً واحداً من تلك المطولات. بقي أن يقال ما هو البديل المناسب؟ وهل نحن بحاجة إلى مقدمة محررة جامعة في هذا العلم تناسب المبتدئين في هذا العصر؟ وهل تدمج أصول التفسير ومناهج المفسرين في كتاب واحد؟ أرجو من الإخوة المهتمين المشاركة والإفادة.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 Jan 2006, 10:02 م]ـ
جزاك الله خيراً يادكتور إبراهيم، وكنت قد تساءلت قبل عدة أيام: هل يكفي بالفعل قراءة هذه المقدمة (ولو بشرحها) لفهم كتاب الله تعالى، بحر العلوم، ومائدة العلماء الربانيين؟
وأنا أؤيد ماذكرت من توجيه الطاقات لجمع وتحقيق الأدوات العلمية لتفسير كتاب الله تعالى لفهمه والعمل به. ولو راجعنا بعض المباحث الأصولية: العام والخاص، والمطلق والمقيد، والظاهر والمؤول، والتفسير بمجرد اللغة وحكم ذلك في أصول المذاهب الأربعة، المنطوق والمفهوم، الخ، أقول لو رجعنا إليها لوجدنا ارتباطها المباشر بعلم التفسير. بل حتى تخريج الروايات والترجيح بينها، وهذا يتعلق بعلم الاسناد، ينفعنا في التفاسير بالمأثور كالطبري، بل يبنغي الاعتناء باللغة كذلك، كما هي صنعة الشنقيطي في تفسير بعض الألفاظ استئناساً بشواهد العرب، أو العناية بالنظم والتراكيب البلاغية والاستعمالات النحوية، كما في صنيع الطاهر ابن عاشور والزمخشري وصاحب أضواء البيان في مواضع منه.
ولذلك، فتأييداً لما ذكرت، أرى أن الوسط العلمي لا زال يتطلع إلى كتب تعتني بهذا الجانب أكثر.