تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سؤال عن الإعجاز البلاغي في قوله تعالى: " أكله الذئب "]

ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[15 Nov 2005, 04:08 م]ـ

إخوتي الأفاضل ...

أذكر أني قرأت مرة عن رد الإمام الخطابي على أحد الزنادقة الذين قالوا بوجود خطأ بلاغي في القرآن الكريم فالحيوان المفترس يفترس افتراسا ولا يأكل أكلا فالذي يأكل هو الإنسان.

فرد عليه الخطابي ـ رحمه الله تعالى ـ بأنه لو قال افترسه الذئب لقال لهم أبوهم ـ سيدنا يعقوب عليه السلام ـ أحضروا لي بقاياه (عظامه .... )

فالأكل معناه أنه أكله كله بعظامه ....

السؤال هنا:

1. أين أجد هذا الرد؟

2. ألا يعارض هذا التوجيه قوله تعالى: " .... وما أكل السبع .. "؟

مع محبتي

ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[16 Nov 2005, 10:04 ص]ـ

رد الخطابي تجده في رسالته في الاعجاز التي هي بعنوان بيان اعجاز القران والمطبوعة ضمن كتاب اسمه ثلاث رسائل في اعجاز القران بتحقيق الدكتور زغلول سلام ومحمد خلف الله من مطبوعات الهيئة العامة للكتاب بمصر حرسها الله

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 Nov 2005, 04:38 ص]ـ

الأخ الكريم عبد الرحيم .....

دعوى أن "الحيوان المفترس يفترس افتراسا ولا يأكل أكلا فالذي يأكل هو الإنسان" منقوضة بنص القرآن وقد أشرت إلى الشاهد وهو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة.

فقد أثبت الله تعالى فعل الأكل لجنس السبع فلا كلام من هذه الجهة.

وعلى فرض الاختلاف بين أكل الانسان وافتراس السبع فالقول بالخطأ البلاغي محض جهالة ..... وقائل ذلك لم يشم رائحة البلاغة أبدا .... ولأهل البيان في مثل هذه الحالة مسلكان معروفان:

-مسلك الاستعارة على أن يشبه الافتراس بالاكل كما في توجيههم ل"مشفر زيد" أو "شفة الفرس".

-مسلك المجاز المرسل .... وهنا أيضا طريقان:

القول بالمجازالمرسل بمرتبة واحدة أي اعتبار الأكل مطلقا والافتراس مقيدا بأكل السبع ... فيكون هنا استعمال المطلق وإرادة المقيد والعلاقة هي الاطلاق.

أو القول بالمجاز المرسل بمرتبتين إذا اعتبر الأكل بخصوص الانسان .... بمعنى ان الافتراس الخاص بالسبع عبر عنه بالاكل المطلق –كما في الحالة السابقة- ثم قيد بخصوص الانسان بعد ذلك ... فتلك مرتبتان والمدار على علاقتي الاطلاق والتقييد.

وبعيدا عن هذا التوجيه المشهور عند البيانيين يظهر لي – والله اعلم-توجيه أقرب إلى علم المعاني: مفاده أن اسناد الأكل للذئب –بدل الافتراس المعهود-يكشف عن حالة الذهول وعدم قدرة الكاذب على إحكام كذبته مهما اجتهد ...... الا ترى إلى العطف الغريب بالفاء بين التعبيرين:

وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ.

الفاء أفادت أن الذئب أكل يوسف فورا .... بدون مقدمات ولا تمهيدات ... هم لم بقولوا مثلا: تركنا يوسف عند متاعنا وجاء ذئب فأكله .... بل إن روايتهم تشعر كأن هذا الذئب اسطوري ظهر فجأة –من السماء نزل أو من الأرض بعث- والتهم يوسف بسرعة: فلا صراخ ولا مقاومة ولا محاولة فرار .... ثم كان اسناد فعل الأكل للذئب لمسة غليظة شاهدة على مشهد مفتعل .......

ولعل هذا الافتعال-وقرائن أخرى- هو الذي جعل أباهم اسرائيل عليه السلام يشك في مصداقية روايتهم ... {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (18) سورة يوسف.

أما نحن فنستفيد من ذلك مغزى:أن الكاذب يعجز عن اتقان وحبك كذبه ..... ولو ظاهره عليه عصبة. ومن حكم العرب قولهم العميق: يكاد المريب أن يقول خذوني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير