تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

شَمِرُ بنُ حَمْدَويَه وكتابه (الجيم) وعنايته بتفسير السلف [إهداء للدكتور مساعد الطيار]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Dec 2005, 12:09 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الإمامُ أبو منصور الأزهري (ت370هـ) في مقدمته لكتابه (تهذيب اللغة) طبقات علماء اللغة الذين أُخذتْ عنهم اللغةُ، فذكر منهم أبا عمرو شَمِرَ بنَ حَمدَويهِ الهرويَّ (ت255هـ)، وذَكَرَ أَنَّهُ كانت له عنايةٌ صادقةٌ بعلم اللغة، ورحلَ من أجل ذلك إلى الأقاليم. إلى أن قال في ترجمتهِ: (ولَمَّا ألقى عصاه بِهراةَ أَلَّف كتاباً كبيراً في اللغات أَسَّسه على الحروف المعجمةِ، وابتدأ بحرفِ الجيم، فيما أخبرني أبو بكر الإيادي وغيره ممن لقيه، فأَشبعهُ وجَوَّدَهُ، إِلا أنه طَوَّلَهُ بالشواهدِ والشعرِ والرواياتِ الجَمَّةِ عن أئمةِ اللغة وغيرهم من المُحدثين، وأَودَعهُ من تفسير القرآنِ بالرواياتِ عن المفسرينَ، ومن تفسير غريبِ الحديثِ أشياءَ لم يسبقهُ إلى مثلهِ أحدٌ تقدَّمه، ولا أَدركَ شأوهُ فيه مَن بعدهِ). التهذيب 1/ 25

غير أَنَّ أبا عمرو شَمرَ بن حَمدَويه كان ضنيناً بكتابهِ هذا، فلم يأذن لأحد قطُّ بنسخه حرصاً عليه، وحباً له. قال الأزهري في ذلك: (ولَمَّا أكملَ الكتابَ ضَنَّ به في حياته ولم يُنْسِخْهُ طُلابَهُ، فلم يُبارَك له فيما فعله حتى مضى لسبيلهِ، فاختزلَ بعضُ أقاربه ذلك الكتابَ من تركته، واتصل بيعقوب بن الليث السجزي، فقلَّدهُ بعضَ أعماله واستصحبه إلى فارس ونواحيها، وكان لا يفارقه ذلك الكتابُ في سَفرٍ ولا حَضرٍ. ولَمَّا أناخَ يعقوبُ بنُ الليث بسيب بني ماوان من أرض السوادِ وحَطَّ بِها سواده، وركب في جماعةِ المقاتلة من عسكره مقدراً لقاء الموفق وأصحاب السلطان، فجر الماء من النهروان إلى معسكره، فَغَرِقَ ذلك الكتابُ في جُملةِ ما غَرِقَ مِن سواد العسكر!

ورأيت أنا – والكلام للأزهري- من أول ذلك الكتابِ تفاريقَ أَجزاءٍ بِخطِّ محمد بن قسورة، فتصفحتُ أبوابَها فوجدتُها على غايةِ الكمال، واللهُ يغفر لأبي عمرو ويتغمد زلته، والضَّنُّ بالعلم غَيرُ مَحمودٍ ولا مُباركٍ فيهِ). أهـ كلام الأزهري.

وقبل أن يترجم الأزهري لأبي عمرو شمر بن حمدويه، كان قد ذكر من طبقات اللغويين السابقين له أبا عمرو الشيباني إسحاق بن مرار العالم الراوية المشهور المتوفى سنة 213هـ تقريباً. صاحب كتاب (الجيم) في اللغة، فذكره وصحف اسمه فقال: «إسحاق بن مراد». بالدال، ولم يذكر له من المصنفات إلا كتاب النوادر، وأغفل ذكر كتاب الجيم. وقد ذكر ياقوت الحموي أن الأزهري أخطأ في اسم أبيه عندما سماه مراد وإنما هو مِرَار. وقد حاول القفطي أن يطعن في ما ذكره الأزهري في التهذيب من تصنيف أبي عمرو شمر بن حمدويه الهروي لكتاب الجيم، وزعم أنه لأبي عمرو الشيباني وليس لشمر بن حمدويه، واستدل بـ:

الأول: أن الأزهري أخطأ في اسم أبي عمرو الشيباني مع شهرته.

الثاني: أنه لم يذكر له من الكتب إلا كتاب النوادر مع شهرة كتاب الجيم.

الثالث: أن الأزهري قد خرج من قولته بزعمه أن الكتاب قد غرق، ولم يبق منه شيء.

يقول القفطي في ترجمة أبي منصور الأزهري في باب الكنى لشهرته بكنيته. في إنباه الرواة 4/ 178. قال: (وشرع في تصنيف كتابه المسمى بـ (تهذيب اللغة) وأَعانَهُ في جَمعهِ كثرة ما صنف بخراسان من هذا الشأن في ذلك الوقت وقبله بيسير، كتصنيف أبي تراب وأبي الأزهر، وغيرهما مما اعتمده الجمع الكثير. وكان رحمه الله مع الرواية، كثير الأخذ من الصحف، وعاب هذه العلة على غيره في مقدمة كتابه، ووقع فيها، والدليل على ذلك أنه لما ذكر أبا عمرو الشيباني في مقدمة كتابه، قال: (هو إسحاق بن مراد، فصحف مراداً، وإنما هو مرار، بإجماع نقلة العلم، ولم يذكر له إلا كتاب النوادر، وذكر رجلاً آخر اسمه أبو عمرو الهروي، ونسب إليه كتاب الجيم، وإنما الجيم لأبي عمرو إسحاق بن مرار، وهو كتاب مشهور.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير