{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} (67) سورة هود
{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} (157) سورة الشعراء.
{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} (25) سورة الأحقاف
القرآن في هذه السياقات يختار من أفعال الصيرورة فعل "أصبح"الدال على ظرف الصباح.
قال ابن السراج في أصول النحو: فإذا قالوا (كان زيد قائماً) فإنما معناه: زيد قام فيما مضى من الزمان فإذا قالوا: أصبح عبد الله منطلقاً فإنما المعنى: أتى الصباح وعبد الله منطلق.
وقال أيضا: أَسْحَرْنَا وأَصْبَحْنا وأَهْجَرْنا وأَمْسَيْنا أَي: صِرنَا في هذِه الأوقات.
وقال في المفصل: أصبح وأمسى وأضحى على ثلاثة معان أحدها أن يقرن مضمون الجملة بالأوقات الخاصة التي هي الصباح والمساء والضحى على طريقة كان والثاني أن تفيد معنى الدخول في هذه الأوقات كأظهر وأعتم وهي في هذا الوجه تامة يسكت على مرفوعها ....
ومما يلحظ أيضا استعمال"أصبح" في معنى الهلاك - في غير سياق هلاك الأمم .... –كما في المثل القرآني عندما يبين نشأة الحياة ونهايتها وكثيرا ما تكون النهاية مدشنة بأصبح:
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} (45) سورة الكهف.
{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} (42) سورة الكهف
ولا تفوتنا الإشارة إلى العاديات المغيرات صبحا ...
فجاء السؤال مرة أخرى ..... لماذا الصبح؟
إذا تمثلنا السنة الإلهية في هلاك الأمم واعتبرنا عنصر المباغتة الذي أقره البيان القرآني أدركنا مناسبة الصبح – من الناحية النفسية- لهذا القصد ...
فالليل عادة-بسبب ظلامه- هو زمن الاحتراس وترقب الخطر فيصيخ سمع الإنسان لأدنى حركة لكن المراقبة تنتهي عند الصبح ومع شروق الشمس وانتشار الضوء يشعر الانسان وكأنه قد نجا من أخطار الليل ومن السوء المتخفي في الظلمة .... أما الآن فالصبح قد تنفس يعلن استئناف الحياة التي تعطلت بالليل .... ومع تنفس الصعداء يأتي أمر الله من حيث لا نحتسب:
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (8) سورة الجمعة