إن القول بأن عرق سيدنا يوسف الذي كان بقميصه هو الذي شفى عيني أبيه يعقوب عليه السلام عندما ألقاه على وجهه قول فيه سذاجة شديدة ويتعارض مع العقل والمنطق، لأنه ليس بالضرورة في قوله تعالى "وابيضت عيناه" أن تكون قد أصيب بالمياه البيضاء فقد يكون تعبيراً مجازياً يفيد الكف عن الإبصار، كما أن الكف عن الإبصار قد يحدث نتيجة الحزن أو الصدمات العصبية، ثم يتساءل د. ممتاز حجازي: ومن أين جاء الافتراض بأن القميص كان به عرق؟ أو أن العرق ظل طوال هذه الرحلة؟ وكيف لامس القميص العين بدون أن تغلق الجفون ودون أن تصاب العين بقرحة إصابية؟ وأي مدة ظل فيها القميص ملامساًَ للعين حتى يصل إلى العدسة الداخلية للعين وبالتركيز الكافي؟
أما الدكتور محمد أيوب أستاذ طب وجراحة العيون بطب القصر العيني فيرى أن ما أصاب عيني سيدنا يعقوب ليس مياهاً بيضاء، لأن المصريين في ذلك الوقت كانوا ذوي حضارة عظيمة وكانوا يعالجون المياه البيضاء، ولو كان به هذا المرض لعالجه أولاده ... كما أن مرض المياه البيضاء يأتي لأسباب كثيرة ليس من بينها الحزن، والذي يأتي نتيجة للحزن هو مرض المياه الزرقاء وهو لا علاج له وهنا تكمن المعجزة الحقيقية في الشفاء.
ويقرب لنا الصورة الدكتور مصطفى نصار – مدرس طب وجراحة العيون بجامعة المنوفية ج. م.ع فيصف لنا تركيب العدسة الداخلية للعين ويقول: معجزة الله في خلقه أن الأحماض الأمينية التي يتركب منها بروتين العدسة الداخلية للعين ملفوفة ومغلفة داخل بعضها لحمايتها.
والذي يحدث في حالة عتامة العدسة الداخلية للعين أن هذه اللفة تفرد وبذلك تتعرض للأكسدة بفقدها للهيدروجين فتتكون رابطة من مواد جديدة ... هذه الرابطة هي التي تسمى بالمياه البيضاء تتسبب في عتامة العدسة الداخلية.
ولعلاج هذه الحالة بدون جراحة لابد من اكتشاف مركب يستطيع كسر هذه الرابطة وإعادتها إلى حالتها الأولى، وهو أمر في غاية الصعوبة، ليس هذا فقط بل لابد من إعادة الخلايا إلى وضعها الأول من الالتفاف بعد أن فتحت ...
وهكذا يتضح لنا استحالة علاج المياه البيضاء وكما يدعى البعض بالعرق الذي يحتوى على اليوريا والجيودين على أساس أنهما قادران على إذابة البروتين ... لأن المطلوب ليس إذابة البروتين وإنما المطلوب هو إعادة ترتيب الخلايا إلى ما كانت عليه وكذلك عودة شكلها الملتف.
ونختتم هذه المناقشة برأي الأستاذ الدكتور/ وحيد غالب أستاذ الفارمالوجى، وهو أحد كبار العلماء له العديد من المستحضرات المسجلة باسمه. يقول أنه عرض عليه منذ عام (من تاريخ مناقشة هذا الموضوع) عمل مستحضر طبي كقطرة من العرق بصفته مستشاراً لإحدى شركات الأدوية ولكنه لم يقتنع ورفض هذا الأمر لأنه - كما يقول - من عظمة خلق الله أن تلك المواد السامة التي يتخلص منها الجسم لا يعيد امتصاصها، فكيف يُمتص مركب اليوريا كقطرة من خلال أغشية العين وهى نفاية تخلص منها الجسم؟ إن هذه المواد تسبب احتقان والتهاب للقرنية مما دعا بعض منتجي هذا المستحضر إلى تخفيفه.
يتضح مما سبق افتقار ما يُنسب إلى الدين من المنهجية العلمية أو حتى المنطقية، لذلك فإننا نطالب بما طالبت به الندوة في نهاية انعقادها بأن لا تُصنف هذه الأفكار أو هذه الاجتهادات في أبواب الإعجاز وتُنشر كحجة ويقين إلا بعد أن تمر بجميع مراحل البحث والتحليل العلمي من أهل الذكر المتخصصين ومن علماء الدين وبعد أن يقروا حقيقة ما توصل إليه صاحب الاجتهاد ...
كما نطالب مع الباحث العلمي الإسلامي الدكتور أبو الوفا عبد الآخر بأن يتبنى هذه الخواطر والأفكار أساتذة متخصصون، وأن تسير هذه الأفكار في القنوات العلمية والتجريبية حتى تصير علماً.
ونؤكد مع هذا أننا لسنا ضد الاجتهاد وحرية التفكير والتأمل ولا نقصرها على فئة معينة أو نشترط شروطاً مجحفة كما يفعل البعض لأن العلم والحكمة هبة وعطاء من الله تعالى ... ونحن لا نهاجم كل جديد كما يظن البعض وإلا قفلنا باب الاجتهاد وباب الإعجاز.
وكما يقول د. سيد سيف رئيس أقسام طب العيون بطب القصر العيني:
نحن لا نحجر على أحد وإننا نأخذ من الجاهل كما تأخذ من العالم، بل ربما نتعلم من الجاهل أكثر. أما ما نرفضه بشده فهو لي الحقائق والمغالطة، فهذه خطيئة لابد أن يحاكم فاعلها.
والآن: بقى الرأي لك عزيزي القارئ بعد أن تابعت معنا رأى الباحث والآراء المعارضة له ... وأترك لك الحكم والرأي
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=557&select_page=17
ـ[المسلم الحاضر]ــــــــ[05 Feb 2006, 12:47 ص]ـ
شكرا للمداخلات الجميلة
واقتراح المشرف الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
ان يكون للمنتدى صدى يستفيد منه العامة بالتفاعل والمشاركة من الجميع اقتراح جميل
وكذلك أن يكون لكل شهر سورة يذكر فيها الأعضاء ما يجدونه من استنباطات ومُلحٍ فيها
كذلك اشكر د. أبو بكر خليل على التنبيه حول الادعاء بعلاج " الكتاراكت " بقطرة من العرق
¥