تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

11 - {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً} الكهف45

12 - {قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} الكهف69

*يقول الإمام البقاعي المتوفى: سنة خمس وثمانين وثمانمائة فى كتابه نظم الدرر [جزء 6 - صفحة 197]

"ولما تم الجواب عن أسئلتهم على أحسن الوجوه مخللاً بما تراه من الحجج البينة والنفائس الملزمة لهم بفصل النزاع، وأتبع ذلك بقص الأمر الذي بإغفاله تجرؤوا على الكفر، وهو أمر البعث إلى أن ختمه بما يقتضي أن معلوماته لا تحد، لأن مقدوراته في تنعيم أهل الجنة لا آخر لها فلا تعد، وكان اليهود قد اعترضوا على قوله في أولها {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} [الإسراء: 85] بأنهم أوتوا التوراة، وكان لكل ما سألوا عنه من الفصول الطويلة الذيول أمور تهول، وكان ربما قال قائل: ما له لا يزيد ذلك شرحاً؟ قال تعالى آمراً بالجواب عن ذلك كله، معلماً لهم بأنهم لا يمكنهم الوقوف على تمام شرح شيء من معلوماته، وآخر استفصال شيء من مقدوراته، قطعاً لهم عن السؤال، وتقريباً إلى أفهامهم بضرب من المثال: {قل} أي يا أشرف الخلق لهم: {لو كان البحر} أي ماؤه على عظمته عندكم {مداداً} وهو اسم لما يمد به الدواة من الحبر {لكلمات} أي لكتب كلمات {ربي} أي المحسن إليّ في وصف ذكر وغيره مما تعنتموه في السؤال عما سألتم عنه أو غير ذلك {لنفد} أي فني مع الضعف فناء لا تدارك له {البحر} لأنه جسم متناه. ولما كانت المخلوقات - لكونها ممكنة - ليس لها من ذاتها إلا العدم، وكانت الكلمات من صفات الله، وصفات الله واجبة الوجود، فكان نفادها محالاً، فكان نفاد الممكن من البحر وما يمده بالنسبة إليها مستغرقاً للأزمنة كلها، جرد الظرف من حرف الجر فقال: {قبل أن تنفد} أي تفنى وتفرغ {كلمات ربي} لأنها لا تتناهى لأن معلوماته ومقدوراته لا تتناهى، وكل منها له شرح طويل، وخطب جليل؛ ولما لم يكن أحد غيره يقدر على إمداد البحر قال: {ولو جئنا} أي بما لنا من العظمة التي لا تكون لغيرنا {بمثله مدداً *} أي له يكتب منه لنفد أيضاً، وهذا كله كناية عن عدم النفاد، لأنه تعليق على محال عادة كقولهم: لا تزال على كذا ما بل بحر صوفة وما دجى الليل، ونحو هذا، ولعله عبر بجمع السلامة إشارة إلى أن قليلها بهذه الكثرة فكيف بما هو أكثر منه، وذلك أمر لا يدخل تحت وصف، وعبر بالقبل دون أن يقال " ولم تنفد " ونحوه، لأن ذلك كاف في قطعهم عن الاستقصاء في السؤال ولأن التعبير بمثل ذلك ربما فتح باباً من التعنت وهو أن يجعلوا الواو للحال فيجعلوا النفاد مقيداً بذلك، وأما سورة لقمان فاقتضى سياقها في تأسيس ما فيها على {الغني الحميد} [لقمان: 26] ومقصودها أن يكون التعبير فيها بغير ما ههنا، فما في كل سورة أبلغ بالنسبة إلى سياقه، مع أنه ليس في إفصاح واحدة منهما ما يدل على نفاد الكلمات ولا عدمه، وفي إفهام كل منهما بتدبر القرائن في السياق وغيره ما يقطع بعدم نفاذها، ولا تخالف بين الآيتين وإن كان التعبير في هذه السورة أدخل في التشابه، ويجاب عنه بما قالوا في مثل قول الشاعر " على لاحب لا يهتدى بمناره " من أن ما في حيز السلب لا يقتضي الوجود، ولعل التعبير بمثل ذلك من الفتن المميزة بين من في قلبه مرض وبين الراسخ الذي يرد المتشابه إلى المحكم، وهو ما دل عليه البرهان القاطع من أن الله تعالى لا نهاية لذاته، ولا لشيء من صفاته، بل هو الأول والآخر الباقي بلا زوال - والله أعلم". أهـ

*ويقول الطاهر بن عاشور – رحمه الله – فى تفسيره التحرير والتنوير [جزء 1 - صفحة 2581]

لما ابتدئت هذه السورة بالتنويه بشأن القرآن ثم أفيض فيها من أفانين الإرشاد والإنذار والوعد والوعيد وذكر فيها من أحسن القصص ما فيه غيره وموعظة وما هو خفي من أحوال الأمم حول الكلام إلى الإيذان بأن كل ذلك قليل من عظيم علم الله تعالى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير