ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Feb 2006, 11:34 ص]ـ
كلام ابن جرير الطبري رحمه الله في هذه الآية من أدل المواضع في تفسيره على فقهه وبصره بالقرآن وأساليب العرب في خطابها، وقدرته على الترجيح بين الأقوال. وفي رأيي لو تمكن أحدكما من بسط رأي ابن جرير في هذه الآية في الملتقى هنا بسطاً سهلاً ميسراً لكان في ذلك فائدة كبيرة للجميع.
وقد استنكر الأستاذ محمود محمد شاكر على ابن كثير استنكاره لكلام ابن جرير، وقال في تعليقه على هذا الموضع: (ولست أستنكر ما قاله أبو جعفر، كما استنكره ابن كثير، ولو أنت أنصفت وتتبعت كلام أبي جعفر، لرأيت فيه حجة بينة ساطعة على صواب مذهبه الذي ذهب إليه، ولرأيت دقة ولطفاً في تناول المعاني، وتدبير الألفاظ، لا تكاد تجدهما في غير هذا التفسير الجليل القدر) [تفسير الطبري بتحقيق محمود شاكر 2/ 422 الحاشية].
ولكن في بعض كلام الطبري عمقٌ في التعبير والدلالة، والتواءٌ على بعض من يقرأ عبارته، يحتاج في فهمها إلى مراجعة وطول تدبر، وكلامه في هذه الآية من هذا النوع، ولذلك أشكل كلامه على ابن كثير في تفسيره في غير ما موضع، فلم يستقم له معنى كلام الطبري. وقد اختار الطبري قولاً في هذه الآية - آية السحر -، وأيده بحجج قوية، جعلت محمود شاكر يعلق عليها بقوله: (هذه حجة رجل يبصر دقيق المعاني، ولا يغفل عن مواضع السقط في كلام من يتكلم وهو لا يضبط ما يقتضيه كلامه. وقد استخف به ابن كثير؛ لأنه لم يضبط ما ضبطه هذا الإمام المتمكن من عقله وفهمه). [تفسير الطبري بتحقيق محمود شاكر 2/ 427 الحاشية].
وليت الذين يكتبون في مناهج المفسرين يحللون لنا هذه المسالك العقلية الدقيقة في الفهم، في الترجيح وتطبيق القواعد النظرية على كلام أهل العلم، في فهمهم لكلام الله، حتى يتمرن الطالب على فهم الكلام المعجز، فهماً لا ينحرف به عن الجادة، فهذا أجدى وأنفع من الكتابات الوصفية التي درجنا عليها في دراسة مناهج المفسرين.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[15 Feb 2006, 12:27 م]ـ
نعم أخي جعل الملكين مكلفين بذلك هو ما استغربه ابن كثير لانك لو راجعت سبب ترجيح ابن جرير لتوجيه "ما" في الاية لعلمت انه يرجح ذلك لهذا السبب ولذلك وضعت لك خطا تحته. اي ان ابن جرير استغرب طريقة ابن جرير في ترجيح الدلالة, "وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ وَجَّهَ " مَا " الَّتِي فِي قَوْله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} إلَى مَعْنَى " الَّذِي " دُون مَعْنَى " مَا " الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْجَحْد. وَإِنَّمَا اخْتَرْت ذَلِكَ مِنْ أَجْل أَنَّ " مَا " إنْ وُجِّهَتْ إلَى مَعْنَى الْجَحْد بجعل الملكين .... "
فابن كثير استغرب توجيهه ل"ما" كلام ابن جرير قد علله بنفسه كما ذكره الشيخ د-عبد الرحمن الشهري جزاه الله خيرا.
يأتي هنا سؤال آخر
هل يصح أن نستعين بما جاء من الروايات الكثيرة عن السلف في قصة الزهرة في ترجيح القول بأن ما بمعنى الذي وأنهما كانا ملكين أذن لهما في تعليم السحر-سواء شرعا أو قدرا- خصوصا وأنها رويت عن علي وابن عمر بأسانيد صححها ابن كثير
تجد الكلام على ذلك في رأي آخر في الإسرائيليات في كتب التفسير-د. مساعد الطيار ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=150)
اما اسلوب ابن جرير رحمه الله في التفسير فانه يعتمد على وجود هذه الروايات سواء كانت اسرائيليات ام غيرها على دلالة اللفظ ولو دققت في كلام ابن جرير ستجد ان ذلك واضح فهو استدل بسؤال السائل وعدم ترجيح المسؤول لايهما مثلا: قال ابن جرير:
"وقال آخرون: جائز أن تكون"ما" بمعنى"الذي"، وجائز أن تكون"ما" بمعنى"لم".
* ذكر من قال ذلك:
1678 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد - وسأله رجل عن قول الله: (يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) فقال الرجل: يعلمان الناس ما أنزل عليهما، أم يعلمان الناس ما لم ينزل عليهما؟ قال القاسم: ما أبالي أيتهما كانت.
*
¥