إلا أن رواتب هؤلاء هي زجاجات الخمر (فودكا) ..
فكل موظف يأخذ عدد من الزجاجات بحسب عمله ..
وإذا ذهب هذا الموظف إلى البقال أو السوق فإنه يشتري ويبيع والثمن هو هذا الخمر .. !
فسألت أخت من روسيا وهي مسلمة عن حكم زكاتها لمن يملك منها مقدار الزكاة عندهم ..
والعجب أنها لم تسأل عن حكم أخذها كراتب .. !
المهم أفتاها شيخ ..
بوجوب إخراج زكاتها ويدخل فيها ربا الفضل ..
باعتبار الثمنية وأنها ثمن ..
فلا أدري لمن تخرج الزكاة ههنا ..
هل تخرج في سبيل إبليس .. ؟!
لكن بناء على ما سبق أن هذه العملات الورقية من المال ..
وما دامت من المال ففيها الزكاة وفيها ربا الفضل إن بيعت بمثلها ..
فقد يرد عليه بعض الإشكالات ..
فالمال معناه يدور حول ما يتمول ويقتنى غالباً ..
وما دامت من المال ففيها الزكاة وفيها ربا الفضل إن بيعت بمثلها
و الرجوع إلى النص كفيل بحسم هذا الإشكال، و لكن بعض الفقهاء تركوا الرجوع إلى النص مباشرة، و أجهدوا أنفسهم، و أهدروا أوقاتهم في البحث عن أشياء لا أصل لها في دين الله!
و سأبين كيف يمكن بالرجوع إلى النص حل هذا الإشكال، .... .
و الربا كما نعلم هي الزيادة بصورتيها (الفضل و النسيئة)، و قد قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، و نعلم أن ما يؤكل يأتي بمعنى ما يؤخذ من المال على إطلاقه، كما في قوله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، ولذا قال الله تعالى (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)
فكلمة (أموال) دلت على جريان الربا في كل أنواع المال، و المال لفظ عام يُطلق على كل ما يملكه الإنسان من متاع أو نقد أو أراض أو عقارات أو دواب و غير ذلك
بعد ذلك يبقى أمامنا ثلاثة احتمالات:
الأول أن يكون هذا النص مطلقا و يُرد إلى نص آخر مقيد له يحدد الربا في أجناس معينة من المال، و الثاني أن يكون عاما و يُرد إلى نص آخر يخصص أجناس معينة لا يجري فيها الربا. و الأخير أن يبقى النص على إطلاقه و عمومه دون تقييد أو تخصيص
الاحتمال الأول (وهو رأى بعض الظاهرية) حصر الربا في الأصناف الستة الواردة في الحديث (الذهب بالذهب و الفضة بالفضة و البر بالبر و الملح بالملح و الشعير بالشعير و التمر بالتمر، سواء بسواء، يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد).
النص لا يفيد الحصر، فلم يقل محمد صلى الله عليه وسلم (لا ربا إلا في هذه الأصناف) و يؤيد ذلك حديث رواه مسلم في صحيحه (إنه نهي عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل)، فعم كل أنواع الطعام و ليس الأصناف المذكورة وحدها.
فنستطيع بذلك أن نستبعد هذا الاحتمال.
الاحتمال الثاني يحتاج إلى تحقيق، و لسنا بحاجة إلى طرحه الآن فلن يفيدنا في مسألة الأوراق النقدية، لأنه من المحال تخصيصها بعدم سريان الربا عليها بنص لعدم وجودها في زمن التشريع.
و ما دمنا قد استبعدنا احتمال التقييد، و تيقنا من عدم استثناء الأوراق النقدية من جريان الربا بالتخصيص، فيبقى الأصل و هو سريان الربا عليها مادامت داخلة في مسمى المال وهو الاحتمال الأخير.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[05 Mar 2006, 07:52 م]ـ
لا إشكال في أقوال الفقهاء أئمة المذاهب الفقهية الأربعة، التي تلقتها الأمة بالقبول على مدى العصور و في مختلف المصور،
فكلامهم هذا كان في البيوع، و لم يكن في القروض.
قال الإمام ابن رشد – في كتابه " بداية المجتهد و كفاية المقتصد " -: " و اتفق العلماء على أن الربا يوجد في شيئين:
في البيع،
و فيما تقرر في الذمة من بيع، أو سلف أو غير ذلك ".
- و ما ذكره الأئمة الفقهاء - أعلاه - كان في مفهوم علة التفاضل المنهي عنه في ربا البيوع – و لا شك في أن لكل منهم وجها فيما قال - و لم يكن في ربا القروض (السلف) أبدا،
والمسألة المذكورة تدخل في باب القرض الذي يجرّ نفعا، و هي مما لم ينقل فيها خلاف،
فلم يقع خلاف بين الأئمة الفقهاء في تحريم القرض الذي يجرّ منفعة،
فقد قال الإمام القرطبي في كتابه " الجامع لأحكام القرآن " – في تفسيره قول الله عز و جل: * {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة و الله يقبض و يبسط و إليه ترجعون}. [سورة البقرة: 245]- ما يلي:
" وأجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف رِباً، ولو كان قبضة من علَفٍ ـ كما قال ابن مسعود ـ أو حبّة واحدة. ويجوز أن يردّ أفضل مما يستلِف إذا لم يشترط ذلك عليه؛ لأن ذلك من باب المعروف؛ استدلالاً بحديث أبي هريرة في البكْر: " إنّ خِياركم أحسنكم قضاء " رواه الأئمة: البخاريّ ومسلم وغيرهما. فأثنى صلى الله عليه وسلم على من أحسن القضاء، وأطلق ذلك ولم يقيده بصفة ". انتهى كلامه.
- فأي زيادة مشروطة في أي سلف - و لو حبة من شعير، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه - هي ربا إجماعا.