الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد وحتى أكلوا العظام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله استغفر الله لمضر فإنهم قد هلكوا فقال لمضر إنك لجريء قال فدعا الله لهم فأنزل الله عز وجل إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون قال فمطروا فلما أصابتهم الرفاهية قال عادوا إلى ما كانوا عليه قال فأنزل الله عز وجل فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون قال يعني يوم بدر (مسلم)
دراسة وتحليل:
كمدخل لمعالجة هذا المحور, سنضع نقاطا عامة للافكار الواردة في الاحاديث اعلاه:
1 - الرسول يدعو ربه ان ينجي عياش بن ابي ربيعة, سلمة بن هشام, والوليد بن الوليد اضافة ثم يعمّم الرسول فيدعو لجميع المستضعفين من المؤمنين بالنجاة, وواضح انه يدعو لهم النجاة من فتنة قريش.
2 - الرسول يدعو على مضر ان يصيبها سنين كسني يوسف
3 - الرسول كان يدعو لغفار واسلم
4 - دعاء الرسول كان اثناء الصلاة
5 - الرسول كان يلعن في صلاته احياء من العرب حتى نزل قوله تعالى: {ليس لك من الامر من شيء}. ذكر في صحيح مسلم اسماء هذه الاحياء وهي: ذكوان ورعل ولحيان وعصية. وجاء في صحيح مسلم انه ترك الدعاء وعندما سأله ابو هريرة عن ذلك أجابه الرسول: و ما تراهم قد قدموا؟
6 - جاء في صحيح مسلم ان الرسول دعا على الذين قتلوا اصحاب بئر معونة يدعو على ذكوان ورعل ولحيان وعصية.
7 - جاء في صحيح مسلم انه نزل قرآنا في الذين قتلوا في بئر معونة ثم نسخ.
8 - ابن مسعود يعلّل دعاء الرسول على قريش بسبب ابطائهم عليه في الاسلام.
9 - ان قريش اصابها قحط لمدة سنة حتى اكلت العظام وكانت ترى في السماء كأنه دخان ثم كشف الله عنهم العذاب فعادوا الى كفرهم
10 - في صحيح مسلم ان حديث ابن مسعود جاء تعقيبا على تفسير آية قرآنية: {يوم تأتي السماء بدخان مبين}
11 - ان ابا سفيان جاء الى الرسول مستشفعا لقومه كي يدعو الرسول ربه فيكشف عنهم العذاب. وفي رواية انهم طلبوا منه الاستسقاء لمضر, فيتعجب الرسول من ذلك لسبب او لآخر!
وسنبدأ بتحليل ما تقدّم خطوة خطوة معتمدين بشكل رئيسي على ما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم ثم نتقدم من بقية الصحاح والسنن بحسب ما تمليه وضوح الرؤية واتساع الافق:
اولا: لقد فصل البخاري في روايته بين دعاء الرسول على مضر (اي قريش) ودعائه على رعل وذكوان ولحيان وعصية, بينما نرى ان مسلم قد مزج بين الدعاءين في الحديث الاول الوارد في صحيح مسلم, وفي نفس الرواية الموجودة في صحيح مسلم نقرأ ما نصه: و حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد قالا حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي إلى قوله واجعلها عليهم كسني يوسف ولم يذكر ما بعده فيبدو ان السند الاول في هذا الحديث في صحيح مسلم قد خلط بين المسألتين, فأشار مسلم الى ان هناك سند آخر للحديث لم يضف دعاء الرسول على رعل وذكوان ولحيان وعصية على دعائه على قريش او مضر. ان الروايات التي جاء في صحيح البخاري تفصل بين الامرين وحقيقة لا يوجد سوى الحديث الرابع الوارد في البخاري اعلاه يشير ولكن دون ان يبيّن الى ان الرسول دعا على قريش ودعا على احياء من العرب مما يوحي ان هذه الاحياء قد تكون هي الاحياء الاربعة المذكورة (رعل وذكوان ولحيان وعصية) غير انه لا يوجد تصريح بذلك. ونقرأ في صحيح البخاري جميع الروايات التي أتت على ذكر هذه الاحياء الاربعة مجتمعة:
1 - حدثنا حفص بن عمر الحوضي حدثنا همام عن إسحاق عن أنس رضي الله عنه قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواما من بني سليم إلى بني عامر في سبعين فلما قدموا قال لهم خالي أتقدمكم فإن أمنوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا كنتم مني قريبا فتقدم فأمنوه فبينما يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أومئوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه فقال الله أكبر فزت ورب الكعبة ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم إلا رجلا أعرج صعد الجبل قال همام فأراه آخر معه فأخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم فكنا نقرأ أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ثم نسخ بعد فدعا عليهم أربعين صباحا على رعل وذكوان وبني لحيان وبني عصية الذين عصوا
¥