تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فنرى أن وجه الشبه في المثالين السابقين أمر غير بيّن بنفسه، بل يحتاج إلى تأول وصرف عن الظاهر، أي عقلياً كما يرمي إليه "عبد القاهر"، ومن حيث أن وجه الشبه في مثل هذا النوع من التشبيه وصفاً منتزعاً من متعدد، فإنه يشكّل صورة فكرية يحتاج إلى مفردات للتعبير عن هيئتها لخفائها وعدم ظهورها، وهي بذلك ضرباً من ضروب الإيجاز.

خامساً: التشبيه البليغ

وهو التشبيه الذي حذف فيه أداة التشبيه و وجه الشبه، كأن نقول: "محمد أسد"، فإن في ترك وجه الشبه ما مفاده: أن المشبه يماثل المشبه به في جميع أوصافه من القوة والإقدام والشجاعة إلى غير ذلك من أوصاف الأسد، بخلاف ما لو ذكرت الوجه وقلنا: "محمد أسد في الشجاعة"، فإن مفاده أن محمداً شبيه بالأسد في الشجاعة فقط، ففي حذف الوجه ما يجعله أشمل وأعم، كما أن في حذف الأداة ما يفيد أن المشبه عين المشبه به ادعاءً بحسب الظاهر، بخلاف ما لو ذكرنا الأداة، على نحو قولنا: "محمد كالأسد"، فإن مفاده أن محمداً غير الأسد، مما يضعف دعوى الاتحاد بين المشبه والمشبه به، وفي حذف الأداتين ما يشير إلى الإيجاز.

سادساً: التشبيه الضمني

وهو التشبيه الذي لا يجري على طريقته المعهودة من التصريح بالطرفين وإشراكهما في وجه شبه معيّن، سواء أظهر أو أخفي، بأداة أو بغير أداة، بل هو تشبيه يلمح من المعنى ويفهم من سياق الكلام، ويؤتى به عادة للدلالة على أن الأمر الذي أسند إلى المشبه ممكن ومعقول.

وعلى ذلك قول أبي فراس الحمداني:

سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

يريد الشاعر: أن قومه سيذكرونه عندما يشتدّ بهم المحن والخطوب، ويطلبونه فلا يجدونه، ولا عجب في الأمر لأن البدر يفتقد ويطلب عند اشتداد الظلام.

فالكلام يوحي بتشبيه ضمني غير مصرّح، فالمشبه: حال الشاعر عندما يذكره قومه ويطلبونه ولا يجدونه عندما يحل بهم المحن، والمشبه به: حال البدر الذي يفتقد عند اشتداد الظلام، ووجه الشبه المقصود: مدى الحاجة في الشدة إلى كل منهما والافتقاد إليهما، والصورة التي جاءت في المشبه به وهي الاحتياج إلى البدر في الليلة الظلماء، تتضمن دلالة على وجه الشبه الذي قصد إشراكه في المشبه للبرهنة على أن هذا الأمر الذي أسند إلى المشبه، وهو حال الشاعر عندما يذكره قومه ويطلبونه ولا يجدونه أمر ممكن ومعقول.

فتلك كانت صور التشبيه مع أقسامه وفروعه، التي لم تكن إلا لتعلن أنها ضرب من ضروب الإيجاز، وبالإتيان بأهم نقاطها استوضحنا ذلك، ورأينا مدى وقعها على النفوس، وتأثيرها في سرد المعاني، وكيف يعمل فيها الخيال ويتوسع، فكلما كانت الصورة أوجز كانت المعاني أغزر، وكان الإيجاز ميزة في التشبيه.

ـ[هاجر]ــــــــ[10 - 03 - 2006, 11:47 م]ـ

شكرا أخواني مدرس عربي ولؤيالطيب على مساعدتي في فه الدروسوج

وجزاكم الله خيرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير