تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مأخوذ من حنك يقال حنك الدابة إذا وضع اللجام في حلقها الأعلى فإذا وضع اللجام أو العنان أو الخطام أو الرسن في حلق الدابة يسيطر الراكب على الدابة سيطرة كاملة وهذا هو الوضع السليم لراكب الدابة الذي يريد أن يسيطر عليها. فهو يجلس على مؤخرة الحيوان ويضع اللجام أو الخطام في حلق البعير، فيقود الدابة ويوجّهها إلى حيث شاء، بحيث تفقد الدابة حركتها في الذهاب حيث تشاء. فالسيطرة الكاملة لراكب الدابة بأن يصبح زمامها في يده لأنه أحكم حنكها. هذا لا يكون إلا إذا صار العبد مشركاً والشرك وحده هو الذي يجعل ابليس أو قبيله وحزبه يسيطر سيطرة كاملة على الإنسان. فإذا أشرك الإنسان يسقط في يد إبليس بالكامل بحيث يحتنكه كأنه دابة. قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22]، وقال تعالى: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الاسراء: 62].

الاستحواذ:

عندما يتمّ الاحتناك يأتي الاستحواذ، وهذا من دقّة القرآن في التسلسل. والاستحواذ هو الضرب على حاذي الحيوان، والحاذي هو مؤخرة الفخذين بما يلي الذَنَب. راكب الفرس يجلس على مؤخرة الدابة وبيده الرسن وعندما يريد أن تسرع الدابة يضربها على مؤخرة فخذيها مما يلي الذَنَب، فإذا فعل ذلك أسرعت الدابة لمشيئته وهدفه، وهذا الاستحواذ بسرعة غير اعتيادية.

لما احتنك ابليس العبد فأشرك يحعله يسرع ويسارع في هذا الشرك عن طريق الضرب على مؤخرة عقله وتفكيره، وهذا تعبير مجازي كما لو كان هذا المشرك دابة فعلاً، فيصبح العبد محتنكاً ومسيطراً عليه أولاً وسريعاً جداً في تلبية أوامر الشيطان. حينئذ صار هناك احتناك واستحواذ، أي سيطرة كاملة وسرعة كاملة، قال تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: 19].

الأزّ:

الخطوة الأخيرة هي الأزّ. والأزّ هو غليان القدر تحته نار شديدة فيكون له أزيز كأزيز الرصاص. فبعد الاستحواذ الذي هو سرعة السوق، يأتي الأزّ ليجعلهم الشيطان يغلون غلياناً في محاربة الإيمان وأهله، كما فعل المشركون بالمؤمنين على مرّ التاريخ وكما يفعلون الآن، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83].

هذه هي أساليب إبليس والشياطين عموماً ومع المشركين خصوصاً: الاحتناك أولاً، ثم الاستحواذ ثانياً، ثم الأزّ، وهو أشدّ أنواع الهزّ الذي هو قمّة الحركة ..

أما أساليب الشيطان مع المؤمنين، فهي:

الوسوسة:

وهي الخاطرة الرديئة، قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20]، وقال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120]. كان المسلمون يُرعَبون عندما تأتيهم بعض الأفكار فأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فسألهم: أوجدتم ذلك؟ قالوا نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: فذلك صلاح الإيمان. فالعبد إذا اكتمل إيمانه يأتيه الشيطان بالوسوسة. فالوسوسة إذن هي خاطرة سريعة ثم تنطفيء.

الطائف:

الطائف من الشيطان هو الذي يطوف حول القلب لتقع فيه وتستقر عليه. فإذا طاف الشيطان بالإنسان وأبعده عن طاعة الله (تذكّر)، وهذا ما يجعله يخرج من حالة الغفلة ويتذكّر موقعه من الله تعالى، وموقفه من الله وحاجته إلى رضاه (فإذا هو مبصر)، لأن الغفلة توجب نوعاً من العمى للإنسان، فالإنسان المؤمن والمتّقي هو الذي يبصر عندما يهجم عليه الشيطان، فيعمي بصره في عقله وفي قلبه.

النزغ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير