ويذكر الدكتور أبو موسى: فان قلت: قد شبه المنافق في التمثيل الأول بالمستوقد النار، فلماذ شبه بالتمثيل الثاني بالصيب وبالظلمات وبالرعد والبرق وبالصواعق؟.
ويشير الزمخشري إلى قضية مهمة وهي التفريق بين الاستعارة والتشبيه .. وهل الآية من الاستعارة؟
مختلف فيه والمحققون على تسميته تشبيهاً بليغاً لااستعارة، لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون، والاستعارة إنما تطلق حيث تطوى ذكر المستعار له ويجعل الكلام خلوا عنه صالحا لأن يراد به.
والملاحظ أن الزمخشري يشيرالى التشبيه المقرن، كما يوضح الدكتور محمد أبو موسى.
والزمخشري يحاول أن يجد شبها بين جزئيات الصورة وأحوال في المشبه، ثم يعد عن هذا إلى المذهب الجزل الذي عليه العلماء لايتخطونه. وهذا لايعني ذكره للوجه المقرن أن يختار على المركب فهو يشير إلى مذهب الجزل للعلماء.
وفي الآية الثانية صورة أخرى لحال المنافقين أنفسهم وقد ورد التشبيه في سياق بدأ بعطف التشبيه على ماقبله (أو) حيث شبه حالهم بحال من أصابهم المطر في ظلام دامس يتخلله رعد قوي وبرق شديد الإضاءة وتنكيرهما للتهويل. وتواصل السورة وصف حال المشبه به حينما يرعبهم البرق والرعد في ذلك الظلام المرعب، فيعمدون إلى إغلاق آذانهم بأصابعهم كيلا يسمعوا الرعد فيصعقهم.
والزمخشري يصق وقوع المنافقين في ضلالتهم وما خبطوا فيه من الحيرة والدهشة شبهت حيرتهم وشدة المر عليهم بما يكابد من طفئت ناره بعد أقادها في ظلمة الليل، وكذلك من أخذته السماء في الليلة المظلمة مع رعد وبرق وخوف من الصواعق. فان قلت الذي كنت تقدره في المفرق من التشبيه من حذف المضاف وهو قولك اوكمثل ذوي صيب هل تقدر مثله في المركب منه؟
والمراد كمثل قوم أخذتهم السماء على هذه الصفة فلقوا منها مالقوا. فان قلت: هذا تشبيه أشياء بأشياء فأين ذكر المشبهات؟ وهلا صرح به كما في قوله – وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات.
ق لت: كما جاء ذلك صريحاً فقد جاء مطوياً ذكره على سنن الاستعارة. والصحيح الذي عليه علماء البيان لايتخطونه أن التمثيليين جميعاً من حملة التمثيلات المركبة دون المفرقة لايتكلف لواحد واحد شيء يقدر شبهه به، وهو القول الفحل والمذهب الجزل.
ويظهر من كلام الزمخشري مايلي:
1 - إنه يذهب إلى مايذهب إليه علماء البيان
2 - إنه يراعي الكيفية المنتزعة من مجموع الكلام، فلا على أولى حروف التشبيه مفرد يتأتى التشبيه به أم لم
يليه
ونعود إلى طريقة تقدير الزمخشري للتشبيه في الوجهين حيث يوضحه السيد الشريف:
إلى انه إما أن يقدر قوله: " كمثل ذوي صيب " أو " كذوي صيب " أما تقدير ذوي صيب لان تمسكه بطلب الضمير مرجوعا إليه لايقضي الابتقديره أو في تأدية هذا المعنى وأشده ملائمة مع المعطوف عليه وهو كمثل الذي استوقد نار ومع المشبه وهو مثلهم، وان صح ان يقال او كذوي صيب على طريقة قوله تعالى – انما مثل الحياة الدنيا كماء ومنهم من جعله تقديره المثل امر مسلما يقتضيه العطف على السابق، ثم بنى على تقدير ذوى لأن اضافة القصة الى كل واحد من الاجزاء التي لها مدخل فيها صحيحة. لكن اضافتها الى اصحابها حقيقة والى الباقي مجاز.
والسيد الشريف يؤيد ان الزمخشري يريد " كمثل ذوى صيب) لأنه هو الذي على الكيفية المنتزعة. و الزمخشري لاينظر على مابعد حرف التشبيه مفرداً أكان او غيره.
المراجع:
1 - القرآن الكريم
2 - الزمخشري. أبي القاسم جار الله عمر. (467 - 538) تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. الجزء الأول. مطبعة مصطفى الباني. مصر.
3 - ابوموسى محمد محمد. البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري وأثرها في الدراسات البلاغية. مكتبة وهبه القاهرة. مصر.
4 - البغدادي الألوسي. تفسير روح المعاني في تفسير القرآن الكريم والسبع المثاني. الجزء الأول. دار إحياء التراث العربي. بيروت.
:p