تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:12 م]ـ

باب التجنيس

حد الرماني التجنيس بأن قال: هو بيان المعاني بأنواع من الكلام يجمعها أصل واحد من اللغة، وجعله قسمين: جناس مزاوجة، وجناس مناسبة، فالمزاوجة كقوله تعالى: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" وكقول عمرو بن كلثوم وافر:

ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

والمناسبة كقوله سبحانه: "يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار" وأما قدامة وابن المعتز وإن اختلفا في تسمية هذا الباب فقد اتفقا على معناه، فقال قدامة في حده: هو اشتراك المعاني في ألفاظ متجانسة على جهة الاشتقاق كقول زهير: بسيط كأن عيني وقد سال السليل بهم وعبرة ما همو لو أنهم أمم

وهذا الحد بعينه هو تجنيس المناسبة الذي ذكره الرماني، ولولا قول قدامة على جهة الاشتقاق لكان حده بعينه هو حد الرماني المطلق.

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:13 م]ـ

وقال ابن المعتز هو أن تجيء الكلمة مجانسة أختها كقول الله تعالى: "فأقم وجهك للدين القيم" وكقول النعمان بن بشير لمعاوية: طويل: ألم تبتدركم يوم بدر سيوفنا وليلك عما ناب قومك نائم

وهذا بعينه هو تجنيس المناسبة من جهة الاشتقاق ولم يخرج من جاء بعد هؤلاء عما حدوه به، لكنهم فرعوه ثمانية فروع، وعلى هذا التفريع أكثر المتأخرين سوى التبريزي، فإنه نقص من هذه الأقسام أربعة وأثبت أربعة، وخلط في الشواهد، وغير الأسماء، هذا وإن كان متأخراً عمن قسم التجنيس ثمانية أقسام، واخترع أسماءها، فإني لم أقف على صحة ذلك، ورأيت ابن منقذ قد أتى على الأقسام الثمانية، وفاته قسم تاسع أتى به التبريزي، وسنأتي به في موضعه.

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:14 م]ـ

فمن فروع التجنيس تجنيس التغاير، وهو أن تكون إحدى الكلمتين اسماً، والأخرى فعلاً، وهذا سماه التبريزي التجنيس المطلق، كقوله تعالى: "إني وجهت وجهي" وكقوله تعالى: "أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة" وكقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "عصية عصت الله ورسوله" و"غفار غفر الله لها" و"أسلم سالمها الله"، وكقول جرير وافر:

كأنك لم تسر ببلاد نجد ولم تنظر بناظرة الخياما

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:15 م]ـ

وقد فرع التبريزي من هذا القسم ضرباً سماه التجنيس المستوفي، وهو أن تتشابه الكلمتان لفظاً وخطاً، وإحداهما اسم والأخرى فعل، وأنشد فيه قول أبي تمام: كامل ما مات من كرم الزمان فإنه يحيا لدى يحيى بن عبد الله

وهذا الفرع وإن وضعت له تسمية تخالف تسميات الأقسام الثمانية، وكانت له صورة مثاله غير صور الأمثلة، فإنه داخل في القسم الذي إحدى كلمتيه اسم والأخرى فعل، فلذلك لم يعتد به قسماً مستقلاً.

وتجنيس التماثل، وهو أن يكون الكلمتان اسمين أو فعلين، وهو على ضربين: ضرب تتماثل فيه الكلمتان سواء كانتا اسمين أم فعلين في اللفظ والخط كقول الشاعر: خفيف:

عينه تقتل النفوس وفوه منه تحيى عين الحياة النفوسا

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:15 م]ـ

وضرب لا تتماثل فيه الكلمتان إلا من جهة الاشتقاق، سواء أكانتا اسمين أم فعلين، كقوله تعالى "فروح وريحان" وقوله سبحانه: "وجنى الجنتين دان" وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظلم ظلمات" وكقوله عليه السلام: "أسلم تسلم" وكقول البحتري وافر: نسيم الروض في ريح شمال وصوب المزن في راح شمول

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:16 م]ـ

وهذان التجنيسان أعني التغاير والتماثل فرعان من التجنيس الذي أصله قدامة وابن المعتز، وباقي الثمانية استخرجها المتأخرون بالاستقراء، وهي تجنيس التصحيف، ولم يذكره التبريزي في أقسام التجنيس، وجعل التصحيف باباً مفرداً، تجنيس التصحيف وهو أن يكون النقط فارقاً بين الكلمتين كقوله تعالى: "وهم يحسبون أنهم يحسنون" وكقوله صلى الله عليه وسلم: "لعله كان يتكلم بما لا يعنيه ويتحلى بما لا يغنيه" وكقول البحتري:

طويل ولم يكن المغتر بالله إذ سرى ليعجز والمعتز بالله طالبه

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:17 م]ـ

وتجنيس التحريف، وهو أن يكون الشكل فارقاً بين الكلمتين أو بعضهما، وهذا أيضاً لم يذكره التبريزي، ومثاله قوله سبحانه: "إن ربهم بهم" وقوله تعالى: "ولكنا كنا مرسلين" وأما قوله سبحانه: "ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين" فهو الغاية التي لا تدرك وكقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الظلم ظلمات" وكقول أبي تمام: كامل هن الحمام فإن كسرت عيافة من حائهن فإنهن حمام

ـ[عبدالله الصاعدي]ــــــــ[21 - 07 - 2006, 02:17 م]ـ

وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم تبدل فيه الحركة بالحركة وقسم تبدل فيه الحركة بالسكون، وقسم يبدل فيه التخفيف بالتشديد، مثال الأول قول الشاعر: جبة البرد جنة البرد

والبرد والبرد أردت.

ومثال الثاني قولهم: البدعة شرك الشرك.

ومثال الثالث قولهم: الجاهل إما مفرط وإما مفرط والآيات الثلاث من القسم الأول، والحديث من الثاني، والبيت من الأول أيضاً.

وتجنيس التصريف مما لم يذكره التبريزي أيضاً، وهو اختلاف صيغة الكلمتين بإبدال حرف من حرف إما من مخرجه أو من قريب منه، كقوله تعالى: "وهم ينهون عنه وينأون عنه" وكقول الرسول عليه السلام "الخيل معقود بنواصيها الخير".

وكقول الشاعر:

بسيط لا يذكر الرمل إلا حن مغترب له بذي الرمل أوطار وأوطان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير