تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[ايام العمر]ــــــــ[16 - 09 - 2006, 05:31 م]ـ

وهذا البحث محاولة لتقصي بعض ملامح هذه الصورة في القرآن من خلال السياق الذي وردت فيه أو البناء العام الذي تجلت من خلاله وهو سياق القسم وذلك في سورتي "العصر" و"التين" كما يحاول البحث الكشف عن بعض جوانب الإعجاز الكامنة في الصلة أو الرابط في السياق بين (المقسم به)، وجواب القسم "موضوع التصوير" وهو "الإنسان" كما يحاول تلمس هذه الجوانب في اللغة النابضة بمعانيها وأصواتها وتراكيبها والتي جاء التصوير مستخدماً لها وهو في ذلك كله يتتبع كل ما من شأنه أن يوضح التصوير ويبرزه جلياً أمام الأذهان والعقول من كلام علمائنا المفسرين والدارسين لكتاب الله من قدماء ومحدثين.

بين يدي التصوير:

جاء التصوير في هاتين السورتين العظيمتين في سياق القسم ذلك الأسلوب الذي اتخذه القرآن أساساً في التعبير لاحلية لفظية ([ xx]) ليهز به النفوس ويحرك العقول لتبحث فيما ورد من أجله القسم؟ ولم ورد؟ وما الذي استدعاه؟

والقسم جملة لفظاً أو تقديراً إنشائية أو خبرية ([ xxi]) يؤتي به لتأكيد الخبر حين يتبين المتكلم أن المخاطب يرفض مضمون الخبر أو يتردد فيه وإن كان هذا غير مضطرد في كل أقسام القرآن الكريم إذ كثيراً ما ورد القسم للتأكيد والسامع غير منكر ([ xxii]) لأسباب يستدعيها المقام ويفرضها السياق. وقد جعل "ابن القيم" المُقسَسمُ عليه في القرآن هو أصول الإيمان التي يجب على الخلق معرفتها وقسمها إلى خمسة أنواع منها حال الإنسان ([ xxiii]).

والقسم في هاتين السورتين قد ورد في لونين مختلفين أحدهما مختصر مركز قائم على "أداة القسم" و"المقسم به" في "العصر" والآخر مطول تتعدد فيه ألفاظ المقسم به والأداة في "التين" وفي اللونين جاء الإنسان محوراً للعرض وموضوعاً للتصوير وجاءت الواو أداة للقسم.

ـ[ايام العمر]ــــــــ[16 - 09 - 2006, 05:32 م]ـ

الإنسان في سورة العصر:

بدأت السورة بالقسم وأداته والمقسم به و"العصر" والواو بدل من الباء التقدير ورب العصر وكذلك التقدير في كل قسم بغير الله ([ xxiv]) وقد حذف معها فعل القسم وجوباً للتخفيف ([ xxv]). وقد اختلف في المقصود بالعصر فقيل صلاة العصر لأن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجارتهم ومكاسبهم آخر النهار واشتغالهم بمعايشهم ([ xxvi]). وقيل العشي لما في ذلك من دلائل القدرة ([ xxvii]) وقيل قسم بالزمان دون تحديد لما في مروره من أصناف العجائب ([ xxviii]). وقيل المراد به عصر النبوة ([ xxix]) أو هو زمان حياته أو ما بعده إلى يوم القيامة ([ xxx]) أو هو عام يدخل فيه كل ما يسمى بالعصر لأنه لم يقع اختصاص تقوم به حجة ([ xxxi]). وقد جاء المقسم به معرَّفاً: إما تعريف جنس أوتعريف عهد ذهني أو تعريفاً حضورياً أي قصد به مطلق الزمان ([ xxxii]) وكما عرَّف المقسم به عرف محور القسم وهو الإنسان تعريفاً يفيد الاستغراق ([ xxxiii])، بقرينة الاستثناء أو العهد ([ xxxiv]) أو للجنس ويراد به الاستغراق ([ xxxv]) فالإنسان هنا بمعنى الناس ([ xxxvi]).

وإذا رحنا نستجلي ملامح الإنسان في هذا التصوير نجدها تنكشف من خلال عرض مركز ودقيق لحالين متباينين بل ومتناقضين للإنسان في هذه الدنيا: الأول حال الخسارة والثاني حال الفوز والفلاح وذلك وفق مقياس رباني يحدد الأسباب في الحالين ويحصرها في "الكفر" أو "الإيمان".

والخسر هو الخسران وانتقاص رأس المال ويستعمل ذلك في المقتنيات الخارجة كالمال والجاه في الدنيا – وهو الأكثر – وفي المقتنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والإيمان والثواب ([ xxxvii]) والمعنى أن كل إنسان في المتاجر والمساعي وصرف الأعمار في أعمال الدنيا لفي نقص وضلالٍ عن الحق حتى يموت ([ xxxviii]) وقد يكون الخسر ما يقاسيه الإنسان من شقاء هذه الدار من هرم ونحوه ([ xxxix]) أو هو العقوبة التي يجنيها بذنوبه أو أن يخسر أهله ومنزله في الجنة ([ xl]). والخسر متفاوت أعظمه الناتج عن انتفاء الإيمان بوحدانية الله وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ([ xli]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير