وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ «شُعَبُ الإِيْمَانِ» (7/ 192/9960): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالا: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ نَا أَبُو أُسَامَةَ الْحَلَبِيُّ نَا أُمُّ مُحَمَّدِ بِنْتُ أَخِي أَشْرَسَ حَدَّثَنِي عَمِّي أَشْرَسَ عَنْ أَبِي ظِلالٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَدَّثَنِي جِبْرِيلُ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ بِهَذَا الْمَتْنِ. وَمَدَارُ رِوَايَاتِهِ عَلَى أَبِي ظِلالٍ الْقَسْمَلِيِّ الْبَصْرِيِّ، شَيْخٍ يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ الْمَنَاكِيْرَ وَالأَبَاطِيلَ، وَمَا لا يُشْبِهُ أَحَادِيثَ الثِّقَاتِ عَنْهُ، كَأَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا. قَالَ الدُّورِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ «الضُّعَفَاءُ»: هِلالٌ أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِىُّ عَنْ أَنَسٍ، عِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا الْعَبَّاسُ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. حَدَّثَنِي آدَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: هِلالٌ أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ عَنْ أَنَسٍ، عِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ اسْمُهُ هِلالُ بْنُ كَثِيْرٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: «أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِىُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَاسْمُ أَبِيهِ سُوَيْدٌ الأَزْدِيُّ الأَحْمَرِيُّ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ هِلالُ بْنُ أَبِى هِلالٍ. يَرْوِى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَوَى عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِىُّ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. كَانَ شَيْخَاً مُغَفَّلاً، يَرْوِى عَنْ أَنَسٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ».
قُلْتُ: وَمِنْ أَنْكَرِ مَا رَوَى عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعَاً: «إِنَّ عَبْدَاً فِي جَهَنَّمَ يُنَادِي أَلْفَ سَنَةٍ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلام: اذْهَبْ، فَأْتِنِي بِعَبْدِي هَذَا، فَيَذْهَبُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيَجِدُ أَهْلَ النَّارِ مُكِبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ يَبْكُونَ، فَيَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ: ائْتِنِي بِهِ، فَإِنَّهُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَيَجِيءُ بِهِ، فَيُوقِفُهُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدِي كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ، وَكَيْفَ وَجَدْتَ مَقِيلَكَ؟، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ شَرَّ مَكَانٍ، وَشَرَّ مَقِيلٍ، فَيَقُولُ: رُدُّوا عَبْدِي، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا كُنْتُ أَرْجُو إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ تَرُدَّنِي فِيهَا، فَيَقُولُ: دَعُوا عَبْدِي».
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (3/ 230)، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا «حُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ» (110)، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ «التَّفْسِيْرُ» (15572)، وَأَبُو يَعْلَى (4210)، وَابْنُ خُزيْمَةَ «التَّوْحِيدُ وَإِثْبَاتُ صِفَاتِ الرَّبِّ»، وَابْنُ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» (3/ 85)، وَالْبَغَوِيُّ «شَرْحُ السُّنَّةِ» (4361) و «مَعَالِمُ التَّنْزِيلِ»، وَابْنُ الْجَوْزِيُّ «الْمَوْضُوعَاتُ» (3/ 267) مِنْ طُرُقٍ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ أَبِي ظِلالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعاً بِنَحْوِهِ.
رَوَاهُ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ مِسْكِينٍ: الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشَيْبُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمَّارُ، وَأَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَاهِيدِيُّ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ أَسَانِيدُ رِجَالُهَا ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ، خَلا أَبَا ظِلالٍ الْقَسْمَلِيَّ، وَهُوَ الْمُتَّهَمُ بِهِ.
وَأَمَّا [6] حَدِيثُ وَحَمِيدَةُ بِنْتُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِيهَا:
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ «مُعْجَمُهُ» (428): أَخْبَرَنَا الدَّقِيقِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَتْنَا عُفَيْرَةُ بِنْتُ وَاقِدٍ الْبَصْرِيَّةُ قَالَتْ: حَمِيْدَةُ حَدَّثَتْنِي تَعْنِي بِنْتَ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَتْ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَاً لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ إِلاَّ رَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَبِي، كَانَ أَنَسٌ وَأَبُو ظِلالٍ فِي بَيْتِ ثَابِتٍ، فَقَالَ أَنَسٌ: يَا أَبَا ظِلالٍ؛ مَتَّى فَقَدْتَ بَصَرَكَ؟، فَقَالَ: وَأَنَا صَبِيٌّ لا أَعْقَلُ، قَالَ: أَلا أُحَدِّثُكَ حَدِيثَاً حَدَّثَنِيهُ حَبِيبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ جِبْرِيلَ، وَجِبْرَائِيلُ يَرْوِيهِ عَنِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، «قَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ؛ مَا جَزَاءُ مَنْ سَلَبْتُهُ كَرِيْمَتَيْهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ ماَ عَلَّمْتَنَا، قَالَ: جَزَاؤُهُ الْخُلُودُ فِي دَارِي، وَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِي».
وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ «الثِّقَاتُ» (9/ 4)، وَاللأَلْكَائِيُّ «شَرْحُ أُصُولِ الاعْتِقَادِ» (3/ 522) كِلاهُمَا مِنْ طَرِيقِ الدَّقِيقِيِّ حَدَّثَتْنَا عُفَيْرَةُ بِنْتُ وَاقِدٍ بِنَحْوِهِ.
قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ لا يَتَقَوَّى بِسَابِقِهِ، وَلا يُحْتَمَلُ بِمُفْرَدِهِ، فَإِنَّ عُفَيْرَةَ وَحَمِيدَةَ كِلْتَيْهِمَا لا تُعْرَفَانِ إِلا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
¥