تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - مثلاً عبارة (لا بأس به) يستخدمها ابن عدي أحياناً للضعيف، وأحياناً للمنكر وأحياناً على ظاهرها، وأحياناً تطلق على الثقة وذُكر نحو هذا عن ابن معين. ولولا ضيق الوقت لأتيت لك بالأمثلة، قد تقول إذن كيف أعرف حاله؟ يقول الشيخ عبد الله من خلال القرائن، ومن خلال عامة كلام أهل الشأن في الراوي، فإذا كان عامة النقد وكبارهم على نكارة الراوي، فحينها تعرف أن قصد ابن عدي في قوله (لابأس به) بأنه منكر، والخلل عندك أنك عكست الأمر ففسرت نصوص الأئمة الواضحة، بعبارات من بعدهم المحتملة.

وإنما نبحث عن مراد كلام الأئمة من عباراتهم إذا كان بينها (تعارض) في الظاهر، وشابها الغموض، أما مع (اتفاق) الأئمة على نكارة الراوي كالإمام أحمد والبخاري وابن معين وغيرهم فلا حاجة إلى التوفيق بين أقوالهم فضلاً عن تحويلها أو صرفها عن ظاهرها إلى ما هو أقل.، وهو ما يقال في حماد بن أبي حميد، وهذا ما جلعنا لانسلم لك بأن عبارة البخاري وغيره (منكر الحديث) مجملة لاتفاق كبار النقاد على نكارته، أما لو كان بينهم خلاف في حماد لقلنا إنها مجملة ونحتاج إلى تفسير واضح لها من كلام غيرهم. قد تقول نحن نقر بأنه منكر الحديث ولا يحتج به، ولكن لا نقر بأنه لايصلح للإعتبار، لأن عبارات الأئمة في (حماد) وهي (منكر الحديث) لا تدل على أنه صالح للإعتبار أو غير صالح، فهو مجمل من جهة الاعتبار به؟ نقول لك هذا صحيح، ولكننا نعلم أن المجروح غير صالح للإعتبار من خلال أمور أ- شدة كلام الإمام فيه، وشدة العبارة المجروح بها، فلو قال البخاري مثلاً في (حماد) ضعيف أو فيه (بعض النظر)، أو قال فيه أحمد وابن معين (ضعيف) فهنا يمكن أن يكون حديثه صالحاً للإعتبار ولا نجزم بذلك، وللقرائن أيضاً هنا دورها في قبول حديثه من رده، أما لو قال الإمام الجهبذ (منكر الحديث) فهي عبارة قوية في الراوي، وجرح ثقيل. تؤثر على ذات الشخص ويصل إلى درجة السقوط، ومن الغلط والمكابرة أن نجعل عبارة (منكر الحديث) عند البخاري تقابل (ضعيف)، ولكنها تجعل الراوي ساقطاً ومتروكاً، ولذلك أحياناً يقول البخاري: (منكر الحديث تركوه)، وهذا من تفسير كلام الإمام بكلامه، كما سيأتي.

ب- ونعرف أيضاً أنه صالح للإعتبار من عدمه من خلال الإمام الجارح وتعددهم، فالراوي الذي يجرحه أحد المتأخرين ليس كالراوي الذي يجرحه المتقدمين كالبخاري أو أحمد أو ابن معين، والراوي الذي يجرحه كبار النقاد ليس كالذي يجرحه من هو دونهم، والراوي الذي يجرحه عدد كبير من النقاد ليس كالذي يجرحه واحد، فالمجروح من واحد أو من أحد المتأخرين أو صغار النقاد ... قد يُتساهل فيه، ويمكن أن يكون حديثه صالح للإعتبار، أما إذا اتفق (كبار) النقاد و (متقدميهم) و (أكثرهم) على جرح الراوي (بأشد العبارات) فلا يفرح بالراوي بعدهم ولا يصلح للإعتبار مطلقاً، ولا نحتاج بعدهم للتمحل، ومحاولة تحوير عباراتهم، وهذا هو حال حماد بن أبي حميد، فكبار الأئمة النقاد المتقدمين وأكثرهم على (نكارته) وليس (ضعفه) بل نكارته، ابن معين وأحمد والبخاري، وغيرهم. لكن لو قال أحمد ضعيف، وقال البخاري (منكر)، وقال ابن معين ثقة، فهنا يحق لك أن تقول بأن كلام الأئمة في حماد مجمل يحتاج إلى بيان ونحتاج إلى النظر في القرائن وأسباب الجرح والتعديل ... فإذا ظهر لنا أن الصواب مثلا مع البخاري وأحمد (أي ضعف الراوي) بعدها نأتي إلى مرتبة الاحتجاج وصلاحه للاعتبار، ويمكن أن تقول هنا بأن عبارة ابن معين تشفع للراوي، وتجعله صالح للإعتبار مع ملاحظة القرائن، ولكن مع اتفاق الأئمة على نكارته فلا إجمال، وليس عنده ما يشفع له ليكون صالحاً للإعتبار، وهذه نكت مهمة ودقيقة جداً لا ينتبه لها إلا الحذاق، فتنبه لها يا أخي، فعلم العلل والجرح والتعديل وأحوال الرجال لا يأخذ بقراءة كتاب أو كتابين، وليس علم العلل وأحوال الرجال1+1=2، وأظنك تعرف هذا، لكن قد تفوتك بعض الدقائق أثناء التطبيق وكل طالب علم عرضة لمثل هذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير