تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولهما: الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وثانيهما: الناقل للحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأما تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقع فيه المؤمن الصادق في إيمانه والذي ليس له هوىً يقوده إلى القول عليه ما لم يقله خصوصاً إذا سمع مثل هذا الوعيد الشديد أما الناقلون للحديث المكذوب على رسول الله - فما أكثرهم ويا للأسف - ويا ليت هذا مقتصر على طلاب العلم الصغار ولكن لا تكاد تسمع عالماً يتكلم في مسألة علمية ولا واعظاً يعظ ولا كاتباً يكتب إلا ويتحدث بالمكذوب أو بالضعيف دون أن يبين درجته- بل لا يكتفي بقوله يروى وإنما يقول قال رسول الله جازماً أنه قال، وهذا داء مستفحل في كثير من علماء المسلمين وخصوصاً المتأخرين منهم، وهذا منشؤه إما التكاسل عن البحث في سند الحديث والكشف عن صحته، أو التعصب الأعمى لمذهب معين فهم سمعوا الناس قالوا شيئاً فقالوه دون أن يبحثوا في ما قيل لهم هل هو ثابت أم لا؟

وإذا ناقشت أحدهم في حديث ما قال هذا في فضائل الأعمال ثم احتج عليك بقول بعض الأئمة- إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد، دون أن يعرف مدلول هذه العبارة من هؤلاء الأئمة وهذه العبارة هي: منسوبة إلى الإمام أحمد ابن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك، ولو عرف هؤلاء مدلول هذه العبارة لما سولت لهم أنفسهم أن يحتجوا بهذا في إثبات حجتهم في العمل بالحديث الذي لا تقوم به حجة حتى ولو في فضائل الأعمال دون أن يدققوا النظر في معنى الضعيف عند هؤلاء الأئمة والذين قالوا بالتساهل فيه في فضائل الأعمال إذا شئت أن تعرف مدلول هذه العبارة عندهم فإليك أقوال بعض المحققين من العلماء. في مدلولها لدى أولئك الأئمة قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (ج18ص65): "قول أحمد: "إذا جاء الحلال والحرام شدّدنا في الأسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد" وكذلك ما عليه العلماء بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به، فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم".

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (ج1ص31): "ليس المراد بالضعيف عند أحمد الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسم من الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب"، وقال العجاج في التعليق على هذه العبارة: "وفي بعض الضعيف عند أحمد الحسن في اصطلاح من جاء بعده"، وقال طاهر الجزائري في كتابه توجيه النظر إلى أصول الأثر، ص292: "قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتاب منهاج السنة النبوية – إن قولنا إن لحديث الضعيف خير من الرأي ليس المراد به الضعيف المتروك لكن المراد به الحسن كحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده وحديث إبراهيم الهجري ممن يحسن الترمذي حديثه أو يصححه وكان الحديث في اصطلاح من قبل الترمذي إما صحيح وإما ضعيف، والضعيف نوعان ضعيف متروك وضعيف ليس بمتروك، فتكلم أئمة الحديث بذلك الاصطلاح فجاء من لا يعرف اصطلاح الترمذي فسمع قول بعض أئمة الحديث الضعيف أحب إلي من القياس فظن أنه يحتج بالحديث الذي يضعفه مثل الترمذي"، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على اختصار علوم لحديث لأبن كثير (ص92).

"وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك ـ إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا، فإنما يريدون به فيما أرجح والله أعلم أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم متقرراً واضحاً بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط". وقال الدكتور صبحي الصالح في كتابه علوم الحديث ومصطلحة ص (210): "يتناقل الناس هذه العبارة (يجوز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال) فيسوغون بها جميع ما يتساهلون في روايته من الأحاديث التي لم تصبح عندهم ويدخلون في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير