تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفرق بعض العلماء كالمعلمي بين قول الناقد في الراوي (ليس بقوي) وقوله فيه (ليس بالقوي)؛ قال الكوثري في بعضهم: (ليس بقوي عند النسائي) فاستدرك عليه المعلمي في (التنكيل) (ص442) بقوله: (أقول: عبارة النسائي (ليس بالقوي)، وبين العبارتين فرق لا أراه يخفى على الأستاذ ولا على عارف بالعربية، فكلمة (ليس بقوي) تنفي القوة مطلقاً وإن لم تُثبت الضعف مطلقاً؛ وكلمة (ليس بالقوي) إنما تنفي الدرجة الكاملة من القوة؛ والنسائي يراعي هذا الفرق فقد قال هذه الكلمة في جماعة أقوياء منهم عبد ربه بن نافع وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، فبين ابن حجر في ترجمتيهما من (مقدمة الفتح) أن المقصود بذلك أنهما ليسا في درجة الأكابر من أقرانهما؛ وقال في ترجمة الحسن بن الصباح: (وثقه أحمد وأبو حاتم، وقال النسائي: صالح، وقال في الكنى: ليس بالقوي؛ قلت: هذا تليين هين، وقد روى عنه البخاري وأصحاب السنن الا ابن ماجه ولم يكثر عنه البخاري).). انتهى كلام المعلمي.

46 - بيان وجوب الحذر من التصحيف:

يجب الحذر من التصحيف والتحريف الواقع في اصطلاحات العلماء وشرحها، وإليك هذين المثالين:

المثال الأول: كلمة (على يدي عدل):

هذه الكلمة معناها ساقط تالف مستحق للترك وذلك إما لسقوط عدالته كاتهامه بالكذب ونحوه أو لفحش خطئه وشدة غفلته وكثرة تخليطه؛ قال الميداني في (مجمع الأمثال) (2/ 8): (على يدي عدل: قال ابن السكيت هو العدل بن جزء بن سعد العشيرة وكان على شرط تبع وكان تبع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه فجرى به المثل في ذلك الوقت فصار الناس يقولون لكل شيء قد يئس منه هو على يدي عدل). وقال ابن حجر في ترجمة محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي من (تهذيب التهذيب) تعليقاً على قول ابن أبي حاتم فيه: (سئل أبي عنه فقال هو على يدي عدل): (وقوله على يدي عدل معناه قرب من الهلاك وهذا مثل للعرب كان لبعض الملوك شرطي اسمه عدل فإذا دفع إليه من جنى جناية جزموا بهلاكه غالبا ذكره ابن قتيبة وغيره وظن بعضهم أنه من ألفاظ التوثيق فلم يصب". والذي أشار إليه ابن حجر هو شيخه العراقي، فإنه كان يقول في عبارة أبي حاتم هذه إنها من ألفاظ التوثيق، وكان ينطق بها هكذا (عَلَىْ يَدِي عَدْلٌ)، وقال ابن حجر: كنت أظن ذلك كذلك إلى أن ظهر لي أنها عند أبي حاتم من ألفاظ التجريح، وذلك أن ابنه قال في ترجمة جبارة بن المغلس: سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث، ثم قال: سألت أبي عنه فقال: هو على يدي عدل؛ ثم حكى أقوال الحفاظ فيه بالتضعيف؛ ولم ينقل عن أحد فيه توثيقاً؛ ومع ذلك ما فهمت معناها ولا اتجه لي ضبطها؛ ثم بان لي أنها كناية عن الهالك وهو تضعيف شديد؛ ففي كتاب (اصلاح المنطق) ليعقوب بن السكيت عن ابن الكلبي قال: جزء بن سعد العشيرة بن مالك، من ولده العدل، وكان ولِيَ شُرَط تبَّع فكان تبع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فمن ذلك قال الناس: وضع على يدي عدل ومعناه هلك). انتهى.

وقد سبق العراقي إلى هذا الوهم الذهبي في ترجمتي محمد بن خالد بن عبد الله الطحان ويعقوب بن محمد بن عيسى من الكاشف. وهذا الوهم إنما وقع بسبب قراءة العبارة على غير وجهها الصحيح أي هكذا (هو على يَدَيَّ عَدْلٌ) والصواب (هو على يدَيْ عَدْلٍ).

المثال الثاني: يثبج الحديث:

وقد شرحت ما يتعلق بها مفصلاً في مقالة لي نشرتها في الملتقى في وقت سابق، فلا حاجة إلى التطويل بشرحها.

************************************

47 - الحذر من أوهام المعاصرين في شرح الاصطلاحات:

هذا التنبيه في غاية الأهمية، فينبغي الحذر من أوهام المتأخرين والمعاصرين في شرح اصطلاحات المتقدمين؛ فإن كثيراً منهم يتسرع في الحكم الصعب من غير تريث ويهجم على الموضوع العلمي الدقيق من غير تروي؛ وليس عند المتأخرين ما عند المتقدمين من الاطلاع والتثبت وحسن البيان وحسن الفهم؛ ولذلك قصر كثير من المتأخرين في تفسير كلام علماء العلل والأئمة المتقدمين، قال الشيخ حمزة المليباري في (الحديث المعلول) (ص77): (وهناك مصطلحات أخرى تَباين فيها الآراء بين المتقدمين والمتأخرين، مثل كلمة (صدوق) و (حسن) ونحوهما؛ وقد وجدنا تخليطاً وتلفيقاً بين الآراء فيها في بحوث بعض المعاصرين عندما فسروا كلام المتقدمين باصطلاحات المتأخرين فوقعوا بذلك في تحير وتناقض؛ بل فيهم من يتسرع بتخطئة المتقدمين لأنه ليس لهم مخرج منه إلا التخطئة)؛ انتهى كلامه.

ومن أمثلة أوهام المتأخرين رحمهم الله في هذا الباب ما فسر به المناوي ومنلا علي القاري وغيرهما كلمة (حاكم) إذ قالوا: هو الذي أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية متناً وإسناداً وجرحاً وتعديلاً وتاريخاً؛ بل قال على القاري عقب هذا التعريف: كذا قاله جماعة من المحققين!

قلت: هذا التعريف بعيد عن التحقيق، ويبعد أن يقوله واحد من المحققين، فكيف يقوله جماعة منهم؟!

وهذه المسألة بينتها أيضاً في وقت سابق.

وإلى إضافة لا حقة بإذن الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير