تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منهج الحافظ نور الدين الهيثمي]

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[23 - 01 - 06, 10:36 ص]ـ

"

أبو الحسن الهيثمي (735 - 807 هـ)

الكلام على منهج هذا الحافظ الناقد كثير، وبيان منهجه على التفصيل والتحقيق أمر مهم وخطير؛ وذلك لكثرة من تكلم فيه من الرواة والأحاديث، ولكثرة من اعتمد عليه من المحدثين والمصنفين الذين جاءوا من بعده؛ وأنا لم أشأ أن أستوعب كل ما أعرفه عن منهجه في هذه المقالة الابتدائية؛ ولكني أرجو أن تكون أساساً لبناء في هذا الموضوع نشيّده – بإذن الله - أنا وإخوتي في هذا المنتدى، ولو استغرق ذلك زمناً غير قصير؛ ومن الله العون والتيسير؛ فأقول:

قال ابن فهد في (لحظ الألحاظ) (ص239 - 241):

(علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح المصري الشافعي الإمام الأوحد الزاهد الحافظ نور الدين أبو الحسن، ولد في شهر رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمئة، فلما كان قبيل الخمسين صحب الحافظ أبا الفضل العراقي ولازمه اشد ملازمة إلى أن بلغ حمامه (1)، فخدمه وانتفع به وصاهره على ابنته، فرزق منها أولاداً وحصل له بركته [!!] فسمع معه (2) غالب مسموعاته وكتب الكثير من مصنفاته، وربما سمع الشيخ أحياناً بقراءته؛ وأشار عليه بجمع ما في مسند الإمام أحمد من الأحاديث الزائدة على الكتب الستة، فأعانه بكتبه، وأرشده إلى التصرف في ذلك، فلما فرغ من تسويده حرر [لعلها حرره] له الشيخ؛ وهو كبير الفائدة وسماه (غاية المقصد في زوائد أحمد).

ثم حبب إليه هذا التخريج فخرج (البحر الزخار في زوائد البزار) و (المقصد الأعلى في زوائد أبي يعلى) الموصلي و (مجمع البحرين في زوائد المعجمين) و (البدر المنير في زوائد المعجم الكبير).

ثم جمع الكل محذوفَ الإسناد مع الكلام عليها بالصحة والضعف في مؤلف واحد وسماه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) وله أيضاً (موارد الظمآن لزوائد ابن حبان) و (بغية الباحث عن زوائد الحارث).

ورتب "ثقات ابن حبان" ترتيباً جيداً، على ما فيها من الخلل، و"ثقات العجلي"، والأحاديث المسندة في "حلية الأولياء" للحافظ أبي نعيم؛ فمات وهي مسودة؛ فبيض نحو ربعها الحافظُ أبو الفضل بن حجر----.

وكان تغمده الله برحمته استحضاره كثيراً للمتون، يجيب عنها بسرعة فيعجب ذلك شيخَنا الحافظَ زينَ الدين العراقي، وربما رجح في حفظ المتون عليه).

ثم ذكر بعض من سمع منهم بالقاهرة ودمشق والمقدس والاسكندرية. ثم قال بعد ذكر وفاته: (ولم يخلف بعده مثله).

أكثر كتب الهيثمي اشتمالاً على أحكام نقدية للأحاديث ورواتها كتابه الكبير (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)، جاء في كتاب (رواة الحديث الذين سكت عنهم أئمة الجرح والتعديل بين التوثيق والتجهيل) (ص19) ما لفظه:

(لقد أورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" أكثر من عشرين ألف حديث أطلق عليها أحكاماً كثيرة، وتكلم على أكثر من أربعة آلاف راو في كتابه هذا---).

ولكن الهيثمي رحمه الله متساهل في نقد الأحاديث ورواتها، وقد صرح بهذا طائفة من الباحثين المعاصرين (3).

وتوثيق ابن حبان معتمد عند الهيثمي مطلقاً أو غالباً ما لم يجد في الرجل الذي يوثقه ابن حبان جرحاً من غيره (4).

ومن أقسام تساهل الهيثمي قوله في أحيان كثيرة في الراوي المتروك (ضعيف) (5).

ومنها قوله في كثير من الأحاديث المنقطعة أو التي فيها عنعنة مدلس (رجاله ثقات) أو (رجاله موثقون) أو (رجاله رجال الصحيح) مقتصراً على ذلك ساكتاً عن تلك العلة.

ثم إنه يتساهل في قوله (رجاله رجال الصحيح) فإن شرطه في هذا الحكم واسع لأنه يدخل فيه غالباً من أخرج له الشيخان احتجاجاً أو استشهاداً أو متابعة، وهذا منه تجوز فيه وقفة.

ومن تساهل الهيثمي أنه قد يطلق توثيق من لم يأت فيه من التوثيق وما يشبهه إلا أن ابن حبان أورده في ثقاته وإن كان ذلك الراوي مغموزاً عند ابن حبان نفسه، فترى الهيثمي يقول أحياناً في الكلام على الحديث: (رجاله رجال الصحيح غير فلان وهو ثقة) رغم أن فلاناً هذا وإن كان ممن ذكرهم ابن حبان في ثقاته إلا أنه قد ليَّنه أو غمزه بنحو قوله فيه (يخطئ ويخالف)، أو بنحو ذلك من عبارات الغمز التي يستعملها ابن حبان في ثقاته؛ وقد قال العلامة المعلمي وهو خبير بمنهج ابن حبان: (ومن شأن ابن حبان إذا تردد في راو أنه يذكره في الثقات ولكنه يغمزه). وقال ابن حجر في (النكت) (ج2 ص678) في بعضهم: (وأما ذكر ابن حبان له في الثقات فإنه قال فيه مع ذلك: (كان يخطئ)، وذلك مما يتوقف به عن قبول أفراده). ويأتي تمام هذا المعنى وما يقاربه – إن شاء الله تعالى - في المبحث المختص بابن حبان من هذه المباحث.


(1) يعني إلى ان مات.
(2) كذا ولعلها (منه).
(3) قال أبو الحسن في (إتحاف النبيل) (ج1 ص189): (الهيثمي متساهل على كل حال)؛ وقال أبو إسحاق الحويني في (النافلة) (2/ 149) بعد شيء ذكره: (فإن كان كذلك ففي القلب شيء من حكمهما [يعني المنذري والهيثمي] لما عرفت من تساهلهما في النقد).
(4) انظر فهارس محمد عوامة لـ (الكاشف) وتعليقاته عليها في ذيل مطبوعة الكاشف (ج2ص560) و (تبييض الصحيفة) لمحمد عمرو عبد اللطيف (ص70 - 71)، وتعليق عبد الله بن يوسف الجديع على (عوالي سعيد بن منصور) لأبي نعيم (ص14).
(5) اكتفى الهيثمي في وصف عبد المنعم بن بشير الأنصاري – وهو متهم بل وضاع – بقوله (وهو ضعيف)؛ فقال الألباني رحمه الله في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (5/ 280): (ومنه يتبين تساهل الهيثمي في اقتصاره على قوله فيه 2/ 169 "وهو ضعيف")
قلت: لعله قاله من حفظه، ولكن إذا كثرت في كلامه الأمثلة من هذا النوع ثبت تساهله في النقد، وهذا هو الواقع.
"
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير