تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الناقد الكوفي الكبير محمد بن عبدالله بن نمير]

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[01 - 01 - 06, 04:31 ص]ـ

محمد بن عبد الله بن نمير (ت234هـ)

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

ترجمته في (الجرح والتعديل) (1/ 320 - 328) و (ج7ص307) و (طبقات ابن سعد) (ج6ص413) و (التاريخ الكبير) (ج1ص144) و (التاريخ الصغير) (ج2ص364) و (الارشاد) للخليلي (ج2ص577) و (تهذيب الكمال) (25/ 566 - 570) وفروعه، و (السير) (7/ 611 - 613) و (التذكرة) (2/ 439 - 440) و (العبر) (ج1ص418).

استفتح الذهبي ترجمته في (السير) بقوله: (محمد بن عبد الله بن نمير الحافظ الحجة شيخ الاسلام أبو عبد الرحمن الهمداني ثم الخارفي مولاهم الكوفي؛ ولد سنة نيف وستين ومئة، فهو من أقران أحمد بن حنبل وعلي بن المديني---).

قلت: هذا الرجل أحد كبار النقاد؛ وبذلك شهد له العلماء، ويكفيك من تلك الشهادات أنه أحد القلائل الذين ترجم لهم ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) في الفصل الذي عقده هناك لترجمة طائفة منتقاة من جهابذة النقاد وكبار علماء الحديث؛ قال ابن أبي حاتم في ترجمته من الكتاب المذكور (1/ 320):

(ومن العلماء الجهابذة النقاد من الطبقة الثالثة بالكوفة محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي رحمة الله عليه:

باب ما ذكر من علم محمد بن عبد الله بن نمير ومعرفته بناقلة الآثار ورواة الاخبار:

نا إبراهيم بن مسعود الهمداني قال سمعت احمد بن حنبل يقول: محمد بن عبد الله بن نمير درة العراق.

نا على بن الحسين بن الجنيد قال كان احمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان في شيوخ الكوفيين ما يقول ابن نمير فيهم؛ [قال الذهبي في (السير): (يعني يقتديان بقوله في أهل بلده)].

سمعت على بن الحسين [هو ابن الجنيد] يقول: ما رأيت مثل محمد بن عبد الله بن نمير بالكوفة كان رجلاً قد جمع العلم والفهم والسنة والزهد----.

سمعت أحمد بن سنان الواسطي يقول: ما رأيت من الكوفين من أحداثهم رجلاً عندي أفضل من محمد بن عبد الله بن نمير؛ كان يصلي بنا الفرائض وأبوه يصلى خلفه؛ قدم علينا أيام يزيد، يعني واسطاً).

ثم قال (1/ 321): (باب ما ذكر من قول محمد بن عبد الله بن نمير في ناقلة الاخبار في جرحهم وتعديلهم)، فذكر جملة طيبة من أقواله في الرواة، دالةً على علو كعبه في هذا المقام.

ثم قال (1/ 327): (باب في كلام محمد بن عبد الله بن نمير في علل الحديث)، فذكر كلامه في حديثين اثنين فقط.

ثم قال (1/ 328): (باب ما ذكر من كلام محمد بن عبد الله بن نمير في كنى ناقلة الآثار واسمائهم ومواطنهم من البلدان)، وساق بعض مُثُل ذلك.

وقال المزي في (تهذيب الكمال (25/ 568): (قال أبو إسماعيل الترمذي: كان أحمد بن حنبل يعظم محمد بن عبد الله بن نمير تعظيماً عجيباً، ويقول: أي فتى هو؟!).

وزاد ابن حجر في ترجمته من (تهذيب التهذيب) (9/ 251): (وقال ابن عدي: سمعت الحسن بن سفيان يقول: ابن نمير ريحانة العراق وأحد الأعلام؛ قال: وسمعت أبا يعلى يقول: حديث محمد بن نمير يملأ الصدر والنحر؛ قال: وكان محمد بن عمر الصوفي إذا حدثنا عنه يقول: حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن نمير العبد الصالح؛ وقال ابن وضاح: ثقة كثير الحديث عالم به حافظ له؛ وقال ابن قانع: ثقة ثبت؛ وقال ابن شاهين في (الثقات) عن ابن رشدين: سألت أحمد بن صالح عنه، فقال: تسألني عن رجل لم أر بالعراق مثله ومثل أحمد، ما رأيت بالعراق مثلهما ولا أجمع منهما ولكل شيء).

وهذه الكلمة الأخيرة ساقها الذهبي في (السير) (بإسناده إلى عبيد الله بن المهتدي بالله حدثنا أحمد بن محمد بن رشدين سمعت أحمد بن صالح المصري الحافظ يقول: ما رأيت بالعراق مثل أحمد بن حنبل ببغداد، ومحمد بن عبد الله بن نمير بالكوفة، جامعَين، لم أر مثلهما بالعراق).

*****

إن من أهم خصائص هذا الناقد أنه كان في عصره أعلم الناس بأهل الكوفة، وأن أقواله في الرواة كانت بتثبت واعتدال وورع، ولذلك اعتمد كلامه فيهم إماما النقد في زمانهما أحمد وابن معين؛ قال العلامة المعلمي في تعليقه على (موضح أوهام الجمع والتفريق) (2/ 426): (ابن نمير ثبت متقن فاضل إليه المنتهى في معرفة شيوخ الكوفيين حتى كان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان فيهم ما يقوله).

وكان ابن نمير عف اللسان في النقد سائراً في ذلك على نحو طريقة ابن المبارك وأبي بكر بن أبي شيبة والبخاري ونحوهم من الأئمة الذين كانوا يجتنبون الثقيل من الكلمات في نقد الرواة.

ويظهر أن ابن نمير كان يرى الإمام مالك شديداً في نقد الرواة، ولعله أراد بذلك نقد مالك للعراقيين خاصة، ولقد كان – حقاً – شديداً على أهل العراق، ولا سيما أهل الكوفة منهم؛ قال ابن محرز في (معرفة الرجال): (سمعت ابن نمير يقول: ما أحد قاسٍ قوله في الرجال غير مالك بن أنس).

ولكن يحتمل - على بعد كبير - أن تكون (قاس) فعلاً ماضياً من القَيْس و (قوله) مفعوله، أي أنه كان يزن كلامه ويتثبت فيه ويخرجه معتدلاً موزوناً؛ ولكن يبعد - كما ذكرت - أن يقول ابن نمير ذلك لأن فيه – بحسب ظاهره - حصر الاعتدال في النقد في مالك وحده، وهذا غريب أن يقوله مثل ابن نمير.

وأما إن كان مراده - كما هو الظاهر - القسوة والشدة في عامة قوله في الرواة لا في العراقيين وحدهم فهو حينئذ قول لا يسلم من أن يوصف بالمبالغة؛ وإن كنت أستبعد أيضاً أن يكون ابن نمير أراد التعميم، وأرى أن الأقرب الأرجح أنه أراد كلام مالك في العراقيين خاصة؛ والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير