تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الحافظ السيوطي: بعض ما له وبعض ما عليه]

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[10 - 12 - 05, 12:12 م]ـ

السيوطي (849 - 911)

هو الحافظ الشهير المؤلف الكبير الجماع عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عمر الجلال الأسيوطي الأصل الطولوي الشافعي؛ قال الشوكاني في ترجمته في (البدر الطالع) (ج1ص228 - 235):

(الإمام الكبير صاحب التصانيف----؛ وأجاز له أكابر علماء عصره من ساير الأمصار، وبرز في جميع الفنون وفاق الأقران؛ واشتهر ذكره وبعد صيته؛ وصنف التصانيف المفيدة كالجامعين في الحديث و (الدر المنثور) و (الإتقان في علوم القرآن).

وتصانيفه في كل فن من الفنون مقبولة قد سارت في الأقطار مسير النهار، ولكنه لم يسلم من حاسد لفضله وجاحد لمناقبه؛ فإن السخاوي في (الضوء اللامع) – وهو من أقرانه – ترجمه ترجمة مظلمة غالبها ثلب فظيع وسب شنيع وانتقاص وغمط لمناقبه تصريحاً وتلويحاً، ولا جرم فذلك دأبه في جميع الفضلاء من أقرانه، وقد تنافس هو وصاحب الترجمة منافسة أوجبت تأليف صاحب الترجمة لرسالة سماها (الكاوي لدماغ السخاوي)، فليعرف المطلع على ترجمة هذا الفاضل في (الضوء اللامع) أنها صدرت من خصم له غير مقبول عليه).

ثم ذكر الشوكاني حاصل ما ذكره السخاوي في كتابه (الضوء اللامع) في ترجمة الجلال السيوطي ثم تعقب ذلك بقوله:

(لا يخفى على المنصف ما في هذا المنقول من التحامل على هذا الإمام، فإنه ما اعترف به من صعوبة علم الحساب عليه لا يدل على ما ذكره من عدم الذكاء، فإن هذا الفن لا يفتح فيه على ذكي إلا نادراً كما نشاهده الآن في أهل عصرنا؛ وكذلك سكوته عند قول القائل له: نجمع لك أهل كل فن من فنون الاجتهاد، فإن هذا كلام خارج عن الإنصاف لأن رب الفنون الكثيرة لا يبلغ [في] تحقيق كل واحد منها ما يبلغه من هو مشتغل به على انفراده، وهذا معلوم لكل أحد؛ وكذا قوله انه مسخ كذا وأخذ كذا ليس بعيب، فإن هذا ما زال دأب المصنفين يأتي الآخر فيأخذ من كتب من قبله فيختصر أو يوضح أو يعترض أو نحو ذلك من الأغراض التي هي الباعثة على التصنيف؛ ومن ذاك الذي يعمد إلى فن قد صنف فيه من قبله فلا يأخذ من كلامه؟! ----.

وقوله انه كثير التصحيف والتحريف مجرد دعوى عاطلة عن البرهان، فهذه مؤلفاته على ظهر البسيطة محررة أحسن تحرير ومتقنة أبلغ إتقان.

وعلى كل حال فهو غير مقبول عليه لما عرفت من قول أئمة الجرح والتعديل بعدم قبول الأقران في بعضهم بعضاً مع ظهور أدنى منافسة فكيف بمثل هذه المنافسة بين هذين الرجلين التي أفضت إلى تأليف بعضهم في بعض؟! فإن أقل من هذا يوجب عدم القبول.

والسخاوي رحمه الله وإن كان إماماً غير مدفوع لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه كما يعرف ذلك من طالع كتابه (الضوء اللامع) فإنه لا يقيم لهم وزناً، بل لا يسلم غالبهم من الحط منه عليه، وإنما يعظم شيوخه وتلامذته ومن لم يعرفه ممن مات في أول القرن التاسع قبل موته [كذا ويظهر انه أراد أن يقول: (قبل ولادته) أو نحو ذلك فسبقه قلمه أو أخطأ ناسخ الكتاب أو طابعه. ولكن يحتمل أن شبه الجملة (قبل موته) متعلقة بالفعل يعرفه لا بالفعل مات، وحينئذ تكون العبارة مستقيمة لا لبس فيها]، أو من كان من غير مصره أو يرجو خيره أو يخاف شره).

ثم ذكر الشوكاني مثالاً قاسياً كان الأمثل منه اجتناب ذكر مثله، ثم ختم الترجمة بقوله:

(وأما ما نقله من أقوال من [بالأصل (ما) بدل (من)] ذكره من العلماء مما يؤذن بالحط على صاحب الترجمة فسبب ذلك دعواه الاجتهاد كما صرح به. وما زال هذا دأب الناس مع من بلغ إلى تلك الرتبة، ولكن قد عرّفناك في ترجمة ابن تيمية أنها جرت عادة الله سبحانه – كما يدل عليه الإستقراء – برفع شأن من عودي لسبب علمه وتصريحه بالحق وانتشار محاسنه بعد موته وارتفاع ذكره وانتفاع الناس بعلمه. وهكذا كان أمر صاحب الترجمة فإن مؤلفاته انتشرت في الأقطار وسارت بها الركبان إلى الأنجاد والأغوار ورفع الله له من الذكر الحسن والثناء الجميل ما لم يكن لأحد من معاصريه والعاقبة للمتقين----- تجاوز الله عنهما جميعاً وعنا بفضله وكرمه).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير