رأى رجليه فصار صياداً، ومنهم من رأى تحت قدميه فصار ماشياً، ومنهم من رأى ظله فصار مغنياً، وصاحب الطنبور، ومنهم من لم ينظر إليه فصار مدعياً بربوبية كالفراعنة وغيرها من الكفار، ومنهم من نظر إليه ولم يره فصار يهودياً ونصرانياً وغيرهم من الكفار)).
فانظر إلى هذا المتن العجيب الصارخ بوضعه وافترائه، فلو ثبت أن عبد الرزاق افتتح مصنفه بمثل هذا الحديث بهذا الإسناد الذهبي المشرق، فمن الذي وضع الحديث من رجال هذا الإسناد: عبد الرزاق، أم شيخه معمر بن راشد، أم الإمام الزهري، أم السائب بن يزيد؟
حاشاهم ثم حاشاهم، فمن ينزه هؤلاء عن مثل ذلك يعلم بالضرورة أن عبد الرزاق بريء من هذا الجزء المفترى.
خامساً: تلقف واضع الجزء مجموعة من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، التي ذكرها الجزولي في كتابه "دلائل الخيرات" ووضع لها إسناداً إلى بعض السلف، وها هي بأرقامها في الجزء ومواضعها من دلائل الخيرات.
ففي الرقم 10 من الجزء: "كان البراء يكثر من قول: (اللهم صل على محمد وعلى آله بحر أنوارك ومعدن أسرارك).
وهي في دلائل الخيرات، حزب يوم الثلاثاء (ص: 76) وحزب يوم الأربعاء (ص: 99).
وفي رقم 11: عن الحسن قال: (من يكثر من قول: اللهم صلِّ على من تفتقت من نوره الأزهار، زاد ماء وجهه).
وهي في دلائل الخيرات، حزب يوم الثلاثاء (ص: 90).
وفي رقم 12: عن مالك أنه كان يقول دائماً: (اللهم صلِّ على سيدنا محمد السابق للخلق نوره).
وهي في دلائل الخيرات، حزب يوم الأربعاء (ص: 103).
وفي رقم 13: عن سليمان بن يسار قال: علمني أبو قلابة أن أقول بعد كل صلاة سبع مرات: (اللهم صل على أفضل من طاب منه النجار وسما به الفخار واستنارت بنور جبينه الأقمار، وتضاءلت عند جود يمينه الغمائم والبحار).
وهي في دلائل الخيرات، حزب يوم الأحد (ص: 213).
وفي رقم 14: عن ابن جريج قال: قال لي زياد: لا تنسَ أن تقول بالغدوة والآصال: (اللهم صل على من منه انشقت الأنهار وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم).
وهي في دلائل الخيرات، الهامش، الصلاة المشيشية (ص: 259).
وفي رقم 16: عن سالم قال: علمني سعيد بن أبي سعيد أن أقول دوماً: (اللهم صلّ على كاشف الغمة ومجلي الظلمة ومولي النعمة ومولي الرحمة).
وهي في دلائل الخيرات، حزب يوم الثلاثاء (ص: 83).
فهذه ستة نصوص سرقها واضع الجزء من دلائل الخيرات وركب لها أسانيد إلى بعض السلف، مع العلم أن هذه الصيغ السجعية في الأذكار والصلوات ليست من تعبيرات السلف، بل يعلم الناظر بالبداهة أنها من أوراد الصوفية المتأخرين.
سادساً: ولما احتاج واضع الجزء إلى أحاديث في الطهارة يرمم بها الكتاب ليبدو منسجماً مع بداية المصنف المطبوع، استعان بمصنف ابن أبي شيبة المماثل لمصنف عبد الرزاق في موضوعه.
ففي (ص: 80) من الجزء المفقود: "باب في التسمية في الوضوء" وهو العنوان نفسه في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 2) أخذ منه حديثين بحروفهما، وهما رقم (20 و 21) وتلاعب في الأسانيد.
وفي (ص83) باب إذا فرغ من الوضوء وهو العنوان ذاته في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 3) بعد العنوان السابق، أخذ منه ثلاثة أحاديث بحروفها، وهي ذوات الأرقام (22 و 23 و 24) وبدل في أسانيدها.
ثم ترك بابين من مصنف ابن أبي شيبة حتى وصل إلى باب "في الوضوء كم هو مرة" فلم تعجبه صياغة العنوان، فبدله وكتب عنواناً جديداً فقال: (ص: 85) باب في كيفية الوضوء.
أورد في هذا الباب الحديث رقم (25) وهو مأخوذ بحروفه من ابن أبي شيبة (1/ 8) مع تلاعب في إسناده.
ثم أخذ الحديث الذي يليه مباشرة بحروفه أيضاً، وبدل في سنده طبعاً.
ثم ترك باب تخليل الأصابع من ابن أبي شيبة وتجاوزه إلى باب تخليل اللحية في الوضوء، وباب غسل اللحية في الوضوء، فسرق العنوانين ونقل تحتهما الأحاديث من رقم 27 إلى رقم 32 بحروفها وتلاعب في الأسانيد.
ثم وصل إلى "باب مسح الرأس كم هو مرة" فسماه "باب في مسح الرأس في الوضوء، وأخذ الأحاديث من (33 ـ 35) من مصنف ابن أبي شيبة (1/ 15) بحروفها وبدل في أسانيدها.
ثم وصل إلى باب "في مسح الرأس كيف هو" فبدله بقوله: "باب في كيفية المسح" وأخذ الحديثين رقم (36 و 37).
¥