مثل: (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وتكون القلقلة فيه بمرتبة أقل من الموقوف علية (قال المبرد وهذه القلقلة بعضها أشد من بعض فإذا وصلت ذهبت تلك النبرة لأنك أخرجت لسانك عنها إلى صوت آخر فحال بينه وبين الاستقرار) [28].
المرتبة الرابعة: المتحرك مطلقا وفيه أصل القلقلة.
فهؤلاء يرون أن القلقلة صفة لازمة للأحرف الخمسة في جميع أحوالها، لكنها لا تظهر إلا مع السكون إذ السكون يُظهِر صفات الحرف وأن المتحرك فيه أصل القلقلة كما أن أصل الغنة ثابت في النون والميم الساكنتين المظهرتين والمتحركتين الخفيفتين.
وممن قال بهذا القول عطية قابل نصر في كتابه (غاية المريد في علم التجويد) [29]، والمرصفي في كتابه (هداية القاري إلى تجويد كلام الباري) [30]
وهذا القول هو الذي أرجحه وأميل إليه ويتبين وجه ترجيحه من خلال مناقشة الآراء الأخرى
القول الثاني: أن القلقلة مرتبتان
المرتبة الأولى: كبرى عند الوقف على الحرف المقلقل نحو (الفلق).
المرتبة الثانية: صغرى في الساكن الموصول سواء كان في وسط الكلمة أو آخرها.
وممن ذهب بهذا الرأي صاحب (فتح رب البرية شرح المقدمة الجزرية) والدكتور أيمن سويد في محاضرته (آلية القلقلة).
فهؤلاء أسقطوا مرتبتين:
ـ أسقطوا المرتبة الرابعة وقالوا: أن القلقلة لا تكون إلا في الساكن، وأن المتحرك ليس فيه أصل القلقلة [31].
ـ جعلوا المرتبة الأولى والثانية منزلة واحدة، وساووا بين الموقوف عليه المخفف والمثقل.
أما قولهم الأول أن القلقلة لا تكون إلا في الساكن، وأن المتحرك ليس فيه أصل القلقلة فحجتهم فيه قول ابن الجزري:
وبيِّنَنْ مقلقلاً إن سكنا وإن يكن في الوقف كان أبينا.
كما احتجوا بأن سبب قلقلة حروف (قطب جد) هو ما فيها من صفة الشدة وهي انحباس الصوت وانقفال المخرج انقفالاً تماًماً مما يسبب إزعاجاً لجهاز النطق بالهواء المضغوط الذي يريد أن يخرج ولا يجد إلى ذلك سبيلاً، وتكون في الساكن دون المتحرك لأن القلقلة التي هي التخلص من الشدة إنما تكون في حالة حدوث الإزعاج وهذا الإزعاج لا يحدث إلا حالة انقفال المخرج وهي حالة السكون [32]
وعليه فتكون القلقلة من الصفات العرضية لأنها لا تكون إلا في الساكن وليست ملازمة للحرف في كل أحواله كما صرح بذلك الدكتور أيمن سويد في محاضرته (آلية القلقلة).
وقد جاء عكس ذلك في محاضرةٍ له هو بعنوان (صفات الحروف)، إذ عد القلقلة ضمن الصفات الأصيلة للحروف.
وأيضاً في كتاب (حلية التلاوة في تجويد القرآن الكريم) للدكتورة رحاب شققي وهو بإشرافه!! عدت صفة القلقلة ضمن الصفات الأصلية اللازمة [33].
ويرد على هذا القول بما يلي:
1ـ أن ابن الجزري عد القلقلة وهو يعدد الصفات الأصلية اللازمة التي لا تنفك عن الحرف بحال، وذلك في قوله:
وَصَادُ ضَادٌ طَاءُ ظَاءٌ مُطْبَقَه وَفَرَّ مِنْ لُبِّ الحُرُوفُ المُذْلَقَهْ
صَفِيرُهَا صَادٌ وَزَاىٌ سِينُ قَلْقَلَةٌ قُطْبُ جَدٍّ .......
وكل كتب التجويد القديمة والحديثة يعدون القلقلة ضمن الصفات الأصلية اللازمة. على خلاف ما يذكره الدكتور أيمن سويد من أن هذا قول المعاصرين فقط.
2ـ أن كون القلقلة لا تظهر إلا مع الساكن هو نص كلام ابن الجزري:ـ
وَبَيِّنَنْ مُقَلْقَلاً إِنْ سَكَنَا وَإِنْ يَكُنْ فِى الْوَقْفِ كَانَ أَبْيَنَا
يعني بَيِّن القلقلة حال سكونها فقول ابن الجزري هذا لا يمنع وجود أصل القلقلة في المتحرك فهي حينئذ غير بَيِّنة وغير ظاهرة.ويؤكد هذا الفهم قوله في مكان آخر (لأنها [أي أحرف القلقلة] إذا سكنت ضعفت فاشتبهت بغيرها فيحتاج إلى ظهور صوت يشبه النبرة حال سكونهن في الوقف وغيره وإلى زيادة إتمام النطق بهن. فذلك الصوت في سكونهن أبين منه في حركتهن)
فقوله (فذلك الصوت في سكونهن أبين منه في حركتهن) يدل أن القلقلة موجودة في المتحرك لكنها لا تكون بينة مثل الساكن.
3ـ أن حال القلقلة كحال الرخاوة والشدة تظهر حال السكون أكثر من حال الحركة، فالحركة تضعف الصفة ولا تعدمها، فالغين مثلاً تتصف بصفة الرخاوة ونقول للقارئ حين يقرأ كلمة (استغفر مثلاً) أعط للغين زمن الرخاوة، لكن إذا قرأ كلمة (غافر) هل نقول له إعط للغين زمن رخاوة؟! بالطبع لا فالحروف المتحركة زمنها واحد.
¥