وقال سيبويه [25] (والراء إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة، والوقف يزيدها إيضاحا فلما كانت الراء كذلك قالوا: هذا راشدٌ، وهذا فراشٌ، فلم يميلوا لأنهم كأنهم قد تكلموا براءين مفتوحتين، فلما كانت كذلك قويت على نصب الألفات، وصارت بمنزلة القاف، حيث كانت بمنزلة حرفين مفتوحين، فلما كان الفتح كأنه مضاعف وإنما هو من الألف، كان العمل من وجه واحد أخف عليهم. ً ([26]، وقال (ومنها المكرر وهو حرفٌ شديد يجري فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام، فتجافى للصوت كالرخوة، ولو لم يكرر لم يجر الصوت فيه. وهو الراء) [27].
وقال ابن منظور [28] في لسان العرب (والمُكَرر من الحروف الراء وذلك لأَنك إِذا وقفت عليه رأَيت طرف اللسان يتغير بما فيه من التكرير ولذلك احْتُسِبَ في الإِمالة بحرفين) [29]
وقال الزَّبيدي في تاج العروس من جواهر القاموس (والمُكَرَّر كمُعَظَّم: حَرْفُ الراء وذلك لأنَّك إذا وَقَفْتَ عليه رأيتَ طَرَفَ اللِّسانِ يتعثَّر بما فيه من التَّكْرير ولذلك احتُسِب في الإمالةِ بحَرْفَيْن) [30]
وحكى مثل هذا القول أيضاً ابن سيده المرسي في كتابه (المحكم والمحيط الأعظم) [31]
وقال المبرد [32] في كتابه المقتضب (ومنها الراء. وهي شديدة، ولكنها حرف ترجيع. فإنما يجري فيها الصوت؛ لما فيها من التكرير.) [33]
والواضح أن القول بتكرير الراء يغلب على أهل اللغة والنحو، إذ كان لهم اهتمام ببعض مباحث التجويد ـ كمخارج الحروف كما في كتاب العين للخليل بن أحمد، والإدغام كما في كتاب المقتضب للمبرد ـ سبق التدوين في علم التجويد بأكثر من قرنين من الزمن، وتبعهم من تأثر بهم من علماء التجويد ـ وهم قله ـ وقد خالفهم علماء التجويد والقراءة.
فقد أورد قولهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في كتابه (الدقائق المحكمة في شرح المقدمة الجزرية) ورفضه بقوله: (وما قيل أنه مراد من قال أنه جرى مجرى حرفين في أمور متعددة ليس كذلك بل هو لحن يجب التحفظ منه) [34]
وأورده كذلك ملا على القاري في كتابه (المنح الفكرية) ورفضه بقوله (وأما قوله [يعني ابن الحاجب]
ولذلك جرى مجرى حرفين في أحكام متعددة فليس كذلك بل تكريره لحن يجب معرفة التحفظ عنه للتحفظ به وهذا كمعرفة السحر ليجتنب عن تضرره وليعرف وجه رفعه) [35]
وقال صاحب الرعاية (والحرف المكرر هو الراء سمي بذلك،لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به، كأن طرف اللسان يرتعد به، وأظهر ما يكون ذلك إذا كانت الراء مشددة، ولابد في القراءة من إخفاء التكرير) [36]
وقال ابن الجزري (ويتحفظون من إظهار تكريرها {الراء} خصوصاً إذا شددت ويعدون ذلك عيباً في القراءة. وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ ([37]
والواضح أن:
أن القول بتكرير الراء يغلب على أهل اللغة والنحو، وخالفهم علماء التجويد والقراءة وردوا بوجوب إخفاء التكرير ولم يقصدوا إعدامه ـ كما مر بنا ـ فظن قوم أن المقصود بإخفاء التكرير إعدام الصفة فكان الخلاف بين إظهار الصفة بوضوح، وبين إعدام الصفة واجتنابها،والتوسط بينهما، وقد سمعت إحدى المعلمات تقول (أن الراء المتحركة لها كرة واحدة، والراء الساكنة لها كرتان لأن السكون يظهر صفات الحرف، والراء المشددة لها ثلاث كرات لأنها عبارة عن حرفين أحدهما ساكن له كرتان، والثاني متحرك له كرة)!!
التكرار صفة لازمة للراء ولابد للقارئ أن يأتي بها ولكن المذموم المبالغة في التكرار.
فإن قيل: ما مقدار التكرار؟
يجاب بأن هذا يضبط بالتلقي على الشيوخ المتقنين.
وقد أشار ابن الجزري إلى صفتي الانحراف والتكرير بقوله:
........................... ..... وَالاِنْحِرَافُ صُحَّحَا
في اللاًَّمِ وَالرَّا وَبِتَكْرِيرٍ جُعلْ .................................
هذا وما كان من توفيق فمن وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان والله أسأل أن يغفر ويرحم ويتجاوز عما يعلم إنه الأعز الأكرم.
================= الهوامش ======================
[1] هداية القاري إلى تجويد كلام الباري 1/ 88
¥