تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد يكون الاختلاف في صيغ الوصف بين آيتين كما في قوله تعالى: (فقال الكافرون هذا شيء عجيب) (ق: 2) وقال تعالى: (اجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب) (ص: 5) يقول ابن قتيبة: (عُجاب وعجيب واحد مثل طوال وطويل وعُراض وعريض وكبار وكبير) (5) وذكر الصّبان أن المبالغة تفيد التنصيص على كثرة المعنى كماً أو كيفاً ولكن هل هي مستوية في المعنى أو متفاوتة بأن تكون الكثرة المستفادة من (فعال) مثلاً أشد من الكثرة المستفادة من (فعول) مثلاً فذكر: أنه لم ير نقلاً في ذلك وقد يؤخذ من قولهم ((زيادة البناء تدل على زيادة المعنى)) أبلغية (فعّال) و (مفعال) على (فعول) و (فعيل) وأبلغية هذين على (فعل) (6) وقد ذهب العسكري إلى استحالة اختلاف اللفظين - في لغة واحدة - والمعنى واحد كما ظنَّ كثير من النحويين واللغويين (7)، فقد عدل التعبير القرآني من (عجيب) إلى (عُجاب) وذلك أنَّه تدرج في العُجْب بحسب قوته، ففي الآية في سورة (ق) ذكر أنهم عجبوا من أن يجيء منذرٌ منهم فقالوا: (هذا شيء عجيب) أما في سورة (ص) فقد كان العجب عند المشركين أكبر وأكبر، إذ كيف يمكن أن يؤمنوا بوحدانية الإله ونفي الشرك وهم قوم عريقون فيه؟ وهم قد استسهلوا أن يحملوا السيف ويعلنوا الحرب الطويلة على أن يقرّوا بهذه الكلمة فالقتل عندهم أيسر من النطق بكلمة التوحيد ولذا كان العجب عندهم أكبر وأكبر فجاء بأن واللام وعدل من (عجيب) إلى (عُجاب) وذلك أنّ (فعال) أبلغ من (فعيل) عند العرب فـ (طوال) أبلغ من (طويل) (8)، قال تعالى: (ومكروا مكراً كُبّاراً) (نوح: 22) (أي كبيراً يقال: كبير وكُبار وكُبّار، كما يقال: طويل وطُوال وطُوّال) (9)، (بالتخفيف والتشديد بمعنى واحد) (10)، وليس كذلك فهو مبالغة في الكبير فأول المراتب الكبير والأوسط الكبار بالتخفيف والنهاية الكُبّار بالتثقيل (11) فلما كان التوحيد أعظم المراتب لا جرم كان المنع منه أعظم الكبائر؛ فلهذا وصفه تعالى بأنه كُبَّار (12)، فالعرب قد تحوّل لفظ (كبير) إلى (فُعال) مخففة ويثقلون ليكون أشد من (الكبار) وكذلك (جُمّال) جميل لأنه أشد مبالغة (13) ويبدو أن معنى المشاكلة الذي تقدم مراعى هنا فـ (ومكروا مكراً كُبّارا …) كهيئة قوله: (لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً) (14).

وقد يعدل التعبير القرآني عن بنية وصف إلى بنية وصف آخر تحقق اتساعاً دلالياً قال تعالى: (وهذا البلد الأمين) (التين: 3) فلفظ الأمين على وجهين أحدهما: أن يكون (الأمين) من الأمن فيكون (فعيل) بمعنى (فاعل) كعليم بمعنى عالم.

والثاني: أن يكون (الأمين) بمعنى المؤمن أي يؤمِّن من يدخله على ما قال تعالى: (ومن دَخله كان آمناً) (آل عمران: 97) (15). وقال تعالى: (وعندنا كتابٌ حفيظ) (ق: 4) فـ (حفيظ) بمعنى (محفوظ من الشياطين ومن التغير وهو اللوح المحفوظ أو حافظ لما أودعه وكتب فيه) (16) فإذا كانت بعض الصيغ تحول من (فعيل) إلى (مفعول) أو (فاعل) فإن صيغة (فعيل) ربما تحتمل في آن واحد أن تكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول (17) ومن ذلك قوله تعالى: (ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير) (الملك: 4) إذ يصح أن يكون (حسير) بمعنى (حاسر) وأن يكون بمعنى (محسور) وقوله تعالى: (كل نفسٍ بما كسبت رهينة) (الطور: 21) فصح أن يكون (فعيل) بمعنى (فاعل) أي ثابتة مقيمة وقيل بمعنى (مفعول) أي: كل نفس مقامة في جزاء ما قدم من عمله ... (وهذا الإجمال مقصود لتذهب إفهام السامعين كلَّ مذهب ممكن فتكثر خطور المعاني في الأذهان وتتكرر الموعظة والعبرة باعتبار وقع كل معنى في نفس له فيها أشد وقع وذلك من وفرة المعاني مع إيجاز الألفاظ) (18).

ثانياً: اختلاف الاسم إفراداً وتثنية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير