تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل الذي يستدل به على وجوب اتباع الصحابة رضي الله عنهم، فقوله: "وجاء آثار"،أي أحاديث فيها الأمر باقتداء الصحابة لأنهم هم الذين عاينوا الوحي وهم أعلم بشريعة الله من غيرهم.

وقوله: "الغر"،جمع أغر وهو صفة للصحابة، والغرة هي البياض الذي يكون في جبهة الفرس، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام في فضل الوضوء: "أرأيتم لو أن لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله"، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء".

وقوله: "العلاء" بفتح العين مع المد معناه الرفعة والشرف، والواو جاءت عاطفة، و"الآثار" جمع أثر، وهو الحديث سواء منه المرفوع أو الموقوف، وقوله: "في الاقتداء" أي الاتباع متعلق بجاء، و"بصحبه" متعلق بالاقتداء، "منهن" خبر مقدم، وضميره عائد على الآثار، ويستعمل في الأكثر للعاقلات أو مادون العشرة لغير العاقلات، "ما" موصولة مبتدأ و"ورد" مع ضميره العائد على الموصول صفته، و"لدى" بمعنى في، متعلق بالخبر، وهو مضاف إلى أبي بكر، وأبو بكر حذف تنوينه لالتقاء الساكنين في إحدى اللغتين و"الرضى" بمعنى المرضي نعت أبي بكر و"خبر" مبتدأ حذف خبره، و"على العموم" في محل الحال، والتقدير حال كونه دال على عموم الاقتداء بالصحابة.

وأما حديث: "أصحابي كا لنجوم…" الذي استدل به الناظم فهو حديث موضوع أو ضعيف جدا، وقد رواه ابن عبد البر في جامع العلم وابن حزم في الأحكام من طريق بن سلام بن سليم، قال حدثنا الحارث بن غُصَين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا به، قال ابن عبد البر هذا إسناد لاتقوم به حجة لأن الحارث بن غُصَين مجهول، وقال ابن حزم هذه رواية ساقطة، وسلام بن سليم قال فيه ابن خراش كذاب، وقال ابن حبان روى أحاديث موضوعة، ولهذا قال الإمام أحمد: لا يصح هذا الحديث، وإذا كان لا يصح فالاستدلال به لا يصح أيضا، وقد ورد هذا الحديث بعدة ألفاظ لكنها كلها واهية، منها في آخر الحديث: "واختلاف أصحابي لكم رحمة"، أخرجه الخطيب في الكفاية في علم الرواية، وابن عساكر من طريق سليمان بن أبي كُرَيمة عن جُوَيبر عن الضحاك عن ابن عباس، وسليمان ضعيف وجويبر هو ابن سعيد الأزدي متروك، والضحاك هو ابن مزاحم لم يلق ابن عباس، وقال العراقي في تخريج الإحياء: وإسناده ضعيف.

ومنها الذي ساقه عبد الواحد بن عاشر في فتح المنان بلفظ: "سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي…" وهو موضوع أيضا، رواه ابن بطة في كتابه الإبانة والخطيب، وكذا ابن عساكر من طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العَمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب، نعيم بن حماد ضعيف، قال الحافظ:.يخطئ كثيرا، وعبد الرحيم بن زيد كذاب، والحديث أورده السيوطي في الجامع الصغير، وقال شارحه المناوي: قال ابن الجوزي في العلل: هذا لا يصح نعيم مجروح وعبد الرحيم بن زيد، قال ابن معين كذاب، وفي الميزان: هذا الحديث باطل، وأما حديث: "اقتدو باللذين من بعدي أبي بكر وعمر…" فقد قال فيه الترمذي هذا حديث حسن.

ثم قال رحمه الله:

ومالك حَضّ على الاتباع - لفعلهم وترك الابتداع

إذ منع السائل من أن يُحدث - في الأمهات نقط ما قد أحدثا

وإنما رآه للصبيان - في الصحف والألواح للبيان

والأمهات ملجأ للناس - فمنع النقط للالتباس

أخبر أن الإمام مالكا أمر بالاتباع، اي اتباع ما أجمع الصحابة عليه في رسم القرءان، وأنه نهى عن الابتداع، وهذا الأثر المروي عن مالك رحمه الله قد ساقه الإمام الداني في أول كتابه "المحكم"، قال حدثنا عبد الملك بن الحسين قال، حدثنا عبد العزيز بن علي قال حدثنا المقدام بن تليد قال: حدثنا عبد الله بن الحكم، قال: أشهب: سئل مالك فقيل له: ارأيت من استكتب مصحفا اليوم؟ أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى، قال مالك: ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن، فأقول له: أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا أرى بذلك بأسا.

قال عبد الله: وسمعت مالكا سئل عن شكل المصاحف فقال: أما الأمهات فلا أراه، وأما المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان فلا بأس به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير