تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إن العلماء اختلفوا في أول من نقط المصحف نقط الإعجام، قال الجعبري في الجميلة: ذكر معرفة النقط الدال على ذات الحرف: الظاهر أن مبتدعه واضع الشكل، فالحرف الذي لا نظير له أغناه تعينه عن النقط، ثم إنهم اختلفوا في أول من نقط نقط الشكل الذي تعرب به الكلمة، فقال الإمام الحافظ أبوعمرو: باب ذكر المصاحف وكيف كانت عارية من النقط وخالية من الشكل ومن نقطها أولا من السلف والسبب في ذالك: حدثنا فارس بن أحمد بن موسى المقرئ قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان قال: حدثنا الفضل بن شاذان قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: قال: إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا الوليد بن موسى قال: حدثنا الأوزاعي قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يقول:كان القرآن مجردا في المصاحف فأول ما أحدثوا فيه النقط على الياء والتاء، وقالوا لابأس به، هو نور له، ثم أحدثوا فيه نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.

حدتنا فارس بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر الرازي قال: حدثنا أبو العباس المقرئ قال: حدثنا احمد بن يزيد قال: حدثنا العباس بن الوليد قال: حدثنا فُدَيك من أهل قَيْسارية قال: حدثنا الأ وزاعي قال: سمعت قتادة يقول: بدءوا فنقطوا ثم خمسوا، ثم عشروا، قال أبوعمرو: هذا يدل على أن الصحابة وأكابر التابعين رضوان الله عليهم هم المبتدئون بالنقط ورسم الخموس والعشور، لأن حكاية قتادة لا تكون إلا عنهم إذ هو من التابعين، إلى أن قال: وإنما أخلى الصدرُ منهم المصاحف من ذلك ومن الشكل من حيث أرادوا على بقاء السعة في اللغات والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لبعاده في الأخذ بها والقراءة بما شاءوا منها، فكان الأمر على ذلك إلى أن حدث في الناس ما أوجب نقطها وشكلها.

وذلك ما حدّثناه محمد بن أحمد بن علي البغدادي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو مكرمة قال: قال العتبي: كتب معاوية رضي الله عنه إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه فلما قدم عليه كلمة فوجده يلحن، فرده إلى زياد وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول: أمِثل عبيد الله يضيع؟ فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال: يا أبا الأسود: إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب، فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله تعالى، فأبى ذلك أبو الأسود، وكره إجابة زياد إلى ما سأل، فوجه زياد رجلا فقال له: أقعد في طريق أبي الأسود، فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه، ففعل ذلك، فلما مر أبو الأسود رفع الرجل صوته فقال: "إن الله بريء من المشركين ورسولِه" بالجر، فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال: عز وجه الله أن يتبرأ من رسوله ثم رجع من فوره إلى زياد فقال: ياهذا قد أجبتك إلى ما سألت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن فابعث إلي ثلاثين رجلا، فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو الأسود عشرة، ثم لم يزل يختار منهم حتى اختار رجلا من عبد القيس، فقال: خذ المصحف وصمغا يخالف لون المداد، فإذا فتحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف، وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف، وإذا كسرتهما فاجعل النقطة في أسفله، فإن أتبعت شيئا من هذه الحركات غنةٌ فانقط نقطتين، فابتدأ المصحف حتى أتى على آخره.

وأورد أبو بكر بن الأنباري هذا الأثر بلفظ آخر في كتاب "الإيضاح في الوقت والإبتداء" قال أبو بكر: وحدثني بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد الله بن محمد القطعي: حدثني محمد بن عيسى بن يزيد قال حدثني أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن ابن مُلَيْكة قال: قدم أعرابي في زمن عمر فقال: من يقرئني ما أنزل الله على محمدصلى الله صلى الله عليه وسلم قال: فأقرأه رجل "براءة" فقال: "إن الله بريء من المشركين ورسولِه" بالجر، فقال الأعرابي: أوقد برئ الله من رسوله؟ إن يكن الله بريء من رسوله فإني أبرأ منه، فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه، فقال، يا أعرابي أو تتبرأ من رسول اللهصلى الله صلى الله عليه وسلم قال: ياأمير المؤمنين إني قدمت المدينة ولا علم لي بالقرآن، فسألت من يقرئني، فأقرأني هذا سورة "براءة" فقال: "إن الله بريء من المشركين ورسولِه" فقلت: أو قد برئ الله من رسوله؟ إن يكن الله بريء من رسوله فأنا أبرأ منه فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي، فقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير