تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سيدي الكريم / وصلني مع الرسالة كتابكم الفتاوى الكبرى المجلد الأول وهو مقبول على العين والرأس ولي رجاء أن يصلني من معاليكم بقية أجزاء الكتاب حتى يعم النفع جعلكم الله منارة للهدى والبيان آمين

سيدي الكريم / اسمح لي أن أتحدث مع معاليكم بصراحة فإنني بعد قراءة رسالة معاليكم ازدادت حيرتي فأخذت في قراءتها مرات ومرات وكلما قرأتها مرة بعد مرة ازدادت حيرتي أكثر وأكثر فقد نصحتني معاليكم (بعدم التكلف في مثل هذا)

وهنا وقفت وقفة طويلة هل البحث عن حقيقة النطق بحروف الكتاب العزيز تكلف؟

سيدي الفاضل / لقد راجعت حساباتي في هذه العبارة ووجدت الآتي:

أولاً: أنه لابد لكل من أراد أن يقرأ القرآن الكريم كله أو بعضه أو آية منه لابد وأن يقرأها مجودة باللسان العربي المبين وهذا لا خلاف فيه بين العلماء ومجمع عليه منهم وقال في ذلك الإمام ابن الجزري رحمه الله (من لم يجود القرآن آثم) وقال بعض الشراح في ذلك أي معاقب على ترك التجويد كذاب على الله ورسوله وداخل في حيز قوله تعالى (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) وقوله صلى الله عليه وسلم (من كذب عليّ عامدًا أو متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) وقال كذلك الإمام ابن الجزري في النشر (التجويد فرض على كل مكلف) ثم قال رحمه الله تعالى (وإنما قلت التجويد فرض لأنه متفق عليه بين الأئمة بخلاف الواجب فإنه مختلف فيه.أهـ) والدليل على فرضية التجويد أيضًا ما رواه الإمام مالك في موطئه والإمام النسائي في سننه عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اقرءوا القرآن بلحون العرب. زاد الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان، وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر. أهـ

وهناك أدلة أخرى كثيرة تدل على وجوب تعلم أحكام التجويد وفرضيتها مثل ما ذكره الشيخ الجليل / أبو العز القلانسي رحمه الله فقال:

يا سائلا تجويد ذا القرآن فخذ هديت عن أولي الإتقان

تجويده فرض كما الصلاة جاءت به الأخبار والآيات

وجاحد التجويد فهو كافر فدع هواه إنه لخاسر

وغير جاحد الوجوب حكمه معذب وبعد ذاك إنه

يؤتى به لروضة الجنات كغيره من سائر العصاة

إذ الصلاة منهم لا تقبل ولعنة المولى عليهم تنزل

لأنهم كلام ربي حرفوا وعن طريق الحق زاغو فانتفوا

سيدي الكريم / مما سبق يتبين أنه لابد من التجويد ولا تصح القراءة بدونه وقالوا أن حقيقة التجويد هو إتقان الحروف وتحسينها وخلوها من الزيادة والنقص وبراءتها من الرداءة في النطق والإدمان في تحرير مخارجها وبيان صفاتها بحيث يصير ذلك للقارئ سجية وطبيعة سواء كانت تلك الحروف أصلية أو فرعية، مركبة أو مفردة.

سيدي الكريم / مما سبق وغيره كثير مما لا يتسع المقام لذكره يتضح لي أن البحث عن كيفية النطق بحروف الكتاب العزيز ليس تكلفًا ولكنه فرض عين وكفى أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى قارئ القرآن بغير تجويد فاسقًا.

سيدي الكريم / ثم ذكرتم لي معاليكم بأن (من تحرى النطق الصحيح ونطق به فهو حسن ولا يضر الإخلال به مع الجهل ولا يقدح في القراءة) وهنا وقفت مرة أخرى أعيد حساباتي فوجدت الآتي:

قال الإمام الخاقاني:

فأول علم الذكر إتقان حفظه ومعرفة باللحن من فيك إذ يجري

فكن عارفًا باللحن كيما تزيله وما للذي لا يعرف اللحن من عذر

وقد قال الإمام السخاوي في منظومته:

للحرف ميزان فلا تك طاغيًا فيه ولا تك مخسر الميزان

(وإذا كان الجهل لا يضر فلماذا أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيء بإعادة الصلاة مع علمه صلى الله عليه وسلم بجهله؟).

سيدي الكريم / معذرة للإطالة. أما ما قاله الإمام ابن كثير رحمه الله (وهو عين الصواب) فأنا أتفق معك تمامًا في ذلك في أنه من لم يستطع النطق بالضاد العربية الصحيحة التي تخرج من حافة اللسان رخوة لعجزه عن ذلك فله أن ينطقها ظاء خالصة وذلك بسبب عجزه فهو تحول إلى نطق حرف آخر ولكنه حرف عربي أصلي أما أن يتحول القارئ إلى حرف غير عربي أصلاً فهذا لم يقل به أحد من القراء أو الفقهاء، فالمنطوق الآن دال مطبقة مفخمة مستعلية من طرف اللسان شديدة وهذا الحرف ليس حرفًا عربيًا أصليًا ولا فرعيًا وإنما هو حرف (مصري فرعوني) موروث عن قدماء المصريين إن صح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير