فقد أخرج الإمام أحمد و النسائي وأبو داود في سننهما وغيرهم، و صححه ابن خزيمة – كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (4/ 236) – من طريق مولى أسامة بن زيدانه انطلق مع أسامة إلى وادي القرى يطلب مالا له، وكان يصوم يومالاثنين ويوم الخميس، فقال له مولاه: لم تصوم يوم الاثنين والخميس وأنت شيخ كبير قدرققت قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلمكان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس فسئل عن ذلك فقال إنَّ أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس.
وقد جاء مثله عن أبي هريرة رضي الله عنه، كما أخرج ذلك الترمذي في سننه: (رقم747). وغيره: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعرض الأعمال يوم الأثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم.
وللإمانة العلمية أقول: إنَّ هذين الحديثين فيهما ضعف أيضاً، لكن هذا هو التعليل الذي فهمه الأئمة من الغرض من صوم يومي الأثنين والخميس، وفي ذلك يقول الإمام الطبري رحمه الله تعالى في كتابه الفذ المبارك تهذيب الآثار: (رقم986).
" وأمَّا الذين اختاورا صوم الأثنين والخميس، فللذي ذكرت من حديث أم سلمة، و لأخبار أخر تقدم ذكرها فيما مضى من كتابنا هذا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ذلك ويقول: إنَّه اليوم الذي تعرض فيه أعمال العباد على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ". وانظر كلام الطبري عند ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: (4/ 126).
وقال الحافظ الكبير ابن عبد البر رحمه الله تعالى في شرحه على حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا.
قال في شرحه على هذا الحديث ما نصه: (21/ 263).
" وفيه دليل على فضل يوم الاثنين والخميس على غيرهما من الأيام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلميصومهما ويندب أمته إلى صيامهما وكان يتحراهما بالصيام.
وأظن هذا الخبر إنما توجه إلى أمة وطائفة كانت تصومهما تأكيدا على لزوم ذلك والله أعلم.
وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ونبئ يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم ".
فلم يفهم هؤلاء الأئمة ما فهمه المتأخرون، من أنَّ مشروعية صيام الأثنين هو لسبب ولادة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم، بل لمعنى آخر هو أنَّ الأعمال تعرض على الله في يوم الأثنين والخميس كما جاء ذلك صريحاً في حديث أسمة بن زيد، وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما.
و حديث أسامة بن زيد وحديث أبي هريرة نص في موضع النزاع، فلا مجال لرده إلاَّ لمن لم يرد الحق والاتباع .. فبطل الاحتجاج به على أنَّ النبي صلى الله عليه قد أشار إلى هذه الاحتفال بمولده صلى الله عليه و سلم.
الجواب الثالث: وعلى هذا لا يحق لأحد من المتأخرين أن يقول بقول، أو يفهم النصوص فهماً ليس له فيه سلف، فهذا معلوم معروف عند أهل العلم، لذا نقول لمن يستشهد بهذا الحديث على جواز المولد:
مَن مِن أئمة الإسلام فهم هذا الفهم، من عهد الصحابة حتى عهد الأئمة المتبوعين .. ؟؟ 0.
ومن من أئمة شراح السنة قد فهم هذا الفهم السقيم .. ؟؟.
الرابع: يلزمكم على هذا الفهم السقيم، أن يكون الاحتفال بالمولد أسبوعياً، أي كل اثنين، كما جاء في هذا النص، فهو أصرح نص في الباب، ومع هذا لا نراكم تفعلون ذلك .. !!.
الخامس: ويلزمكم على هذا الفهم السقيم أن تحتفلوا بذكرى بعثته صلى الله عليه وسلم، وذكرى نزول القرآن الكريم عليه، لأنَّ ذلك ورد في نفس الحديث الذي تستشهدون به على جواز المولد، وهذا ما لم نراكم تفعلونه .. !!.
فيكف صاغ لكم أن تفرقوا بين أمرين وردا في نص واحد، فتفعلون أحدهما وتتركون الآخر .. ؟؟. وعلى أي أساس بنيتم هذا التفريق .. ؟؟.
هذا مع العلم بأنَّ البعثة النبوية ونزول القرآن الكريم من أعظم النعم على البشرية، بل لم يكن لمولده صلى الله عليه وسلم، هذا الشأن لولا البعثة النبوية
¥