[فاعتبروا يا أولي الأبصار]
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[27 - 03 - 09, 06:59 م]ـ
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ووسع كل شيء حفظا، يا من هو المحيط الجامع والنور الساطع، لك الملك ولك الحمد حمدا كثيرا متواترا ونسبحك تسبيحا يليق بجلال سبحات وجهك الكريم واسمك العظيم، وصلوات منك ربي ورحمة لحبيبك ومصطفاك وآله وصحبه ومن ارتضيت من عبادك المتقين.
الاجتهاد الجماعي هو كل اجتهاد اتفق فيه المجتهدون على رأي واحد، حيث يكون هذا الاجتهاد بشكل تكاملي وآني قصد استنباط الأحكام ودرء المفسدة واعتماد المصلحة في نازلة عمت فيها البلوى
كما نجد الاجتهاد الفردي وهو كل اجتهاد لم يثبت اتفاق المجتهدين فيه على رأي واحد أو ما يقوم به صحابي أو تابعي أو فقيه من اجتهادات منفردة في موضوع ما.
والجمهور مع الاجتهادات الجماعية لأنها أكثر حجية من الفردية خوفا من السقوط في الخطأ.
ولقد حدث في صدر الاسلام في عهد عمر رضي الله عنه أنه قال لأبي موسى الأشعري: الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة كما تقدم.
وهذه الكلمات المجلجلة تنبض من قلب تقي معتبر، فالتقي مهما التزم بالعبادات والطاعات فهو في حضور قوي مع الله ويخاف أن لا يؤدي ما عليه من حقوق وتكاليف شرعية واجبة، اذن فالاعتبار لا يكون الا بتقوى وايمان ووجل من الله تعالى وأنت تؤدي ما عليك من تكاليف شرعية، وكلمة الاعتبار فيها من سعة الرحمة ما لا يمكن تقييده لأن فيها اعتبارات تلمس في معانيها الرضا والرحمة بما شرع الله تعالى.
ولقد اجتهد أبوبكر رضي الله عنه في تقسيم العطاء بين المهاجرين والأنصار فرأى أن يسوي بينهما فيه، فخالفه عمر وقال: كيف نجعل من ترك دياره وأمواله مهاجرا الى الله ورسوله كمن دخل في الاسلام كرها؟
فما كان للقلب التقي المعتبر الا أن يرفعه سبحانه درجات بما وقر فيه مظللة عدالة عمر وما استقرأه هو الآخر برؤية ايمانية نافذة، فقال أبوبكر لعمر: انما أسلموا لله وأجورهم على الله، وانما الدنيا بلاغ.
ولقد وردت أحاديث كثيرةتدل على تأييد الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه للأخذ بالاجتهاد فيما لا نص فيه
اذ تبين الرشد وأصبحت القلوب وجلة وأصبح الفكر مشبع بالنصوص
و المقاصد فالرأي المبني على الحجة والدليل والاعتبار والمقصود منه احقاق الحق يتعارض مع الرأي المبني على الهوى والغرض الدنيوي وأهواء الذين لا يعلمون.
يقول سبحانه وتعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون انهم لا يغنوا عنك من الله شيئا وان الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين) الآية
يقول الامام الشاطبي: ان كلي المقصود الشرعي انما انتظم له من التفقه الشرعي انما انتظم له من التفقه في الجزئيات والخصوصيات وبمعانيها ترقى الى ما ترقى اليه، لأن الأدلة الجزئية عاضدة له وناصرة، فقد استقصاها وتتبعها وأدرك ما تقصد له، فاذا حكم على شيء فقد حكم على ما جمعه من كل الأدلة، ومنها وصل الى الدليل القاطع.
وكما قال الامام الغزالي سابقا: فالأصولي لا ينظر الا في أدلة الأحكام الشرعية خاصة فقصده هو البحث في الدليل، والمقصود منه، وما يثبته وينفيه، وما يرجحه أو ما يجعله مرجوحا، هل الدليل عام يطبق على الجميع أو خاص لا ينصرف على الجميع، وهل هو مطلق أو مقيد.
ولقد اتفق العلماء على أهمية أصول الفقه، وأنه يعتبر قواعد أساسية وميزانا لرجل الفقه، فبواسطته يبتعد عن الزلل والخطأ.
ويصدر الأحكام طبقا لمقاصد الشريعة، ومع هذا فان الفقيه يمكن أن يؤدي مهمته الفقهية دون معرفة أصول الفقه لأنه يحكم بدليل شرعي، ولكنه لا يعرف قوة الدليل الراجحة ومقارنته بما هو شبيه له، ولا يعرف معنى المنطوق وما وراء المنطوق من مفهوم.
وهذا ما أشرت عليه بالاعتبار ومن أمعن بتقى ونظر.
وهذه التشريعات الوضعية تعتبر قوانينه صادرة عن الرأي والهوى وهي بذلك مخالفة لمقاصد الشريعة الاسلامية،لذا فعلى المجتمع الاسلامي أن يضع نصب أعينه مقاصد الشريعة، وأن يستحضر روحها الحقة معتبرا، ويترك ما هو مناقض للشريعة الاسلامية حتى يسلم المجتمع الاسلامي من الهوى والفتن ومرامي الرأي الخاطئة.