وللأمر صيغة مفيدة (بنفسها) في كلام العرب (من غير قرينة) تدل عليها خلافًا للأشعري ومن اتبعه.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 09, 12:15 م]ـ
الحمد لله وحده ...
هو «الإمامُ الجليلُ العلمُ الزاهدُ الورعُ أحدُ أئمةِ الدنيا، أبو المظفر بنُ الإمامِ أبي منصورٍ ابنِ السمعاني، الرفيعُ القدرِ العظيمُ المحلِّ المشهورُ الذكرِ، أحدُ مَن طبقَ الأرضَ ذكرُه، وعبقَ الكونَ نشرُه».
هكذا استفتح ابن السبكي ترجمته في الطبقات الكبرى (5/ 335).
* وقال عنه شيخُ الإسلامِ أبو العباسِ بنُ تيميّةَ: «أحدُ أئمةِ السنةِ مِن أصحابِ الشافعيِّ» اهـ (المجموع 4/ 398).
وحلّاه بـ «الإمام»، قال: «قال الإمامُ أبو المظفرِ السَّمعانيٌّ: (والأصلُ الذي يؤسسُه المتكلمون، والأصلُ الذي يجعلونه قاعدةَ علومِهم: مسألةُ العرضِ والجوهرِ وإثباتُهما، وأنهم قالوا: إنَّ الأشياءَ لا تخلو من ثلاثةِ أوجهٍ، إما أنْ تكونَ جسمًا أو عرضًا أو جوهرًا.
فالجسمُ ما اجتَمع مِن الافتراقِ، والجوهرُ ما احتملَ الأعراضَ، والعرضُ مالا يقومُ بنفسِه وإنما يقومُ بغيرِه.
وجعلوا الروحَ مِن الأعراضِ، وردوا أخبارَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ التي لا توافقُ نظرَهم وعقولَهم، ولهذا قال بعضُ السلفِ: إنَّ أهلَ الكلامِ أعداءُ الدينِ لأنَّ اعتمادَهم على حدسِهم وظنونِهم وما يؤدي إليه نظرُهم وفكرُهم، ثم يَعرضون عليه الأحاديثَ، فما وافقَه قبِلوه وما خالفَه ردوه.
وأما أهلُ السنةِ سلمَهم اللهُ تعالى، فإنهم يَتمسكون بما نَطق به الكتابُ ووردتْ به السنةُ، ويَحتجون له بالحججِ الواضحةِ على حسَبِ ما أَذنِ فيه الشرعُ ووردَ به السمعُ ... ) وذكر تمام الكلام» اهـ.
* وقال الذهبيُّ في «التاريخ» (33/ 324): «وتعصّبَ للسنةِ والجماعةِ وأهلِ الحديثِ، وكان شوكًا في أعينِ المخالفين، وحجةً لأهلِ السنةِ» اهـ.
* أما ابنُ كثيرٍ في «البداية» (16/ 159) فقد نعته كمن سبقه بـ «الحافظ»، وقال: «كانت له يد طولى في فنون كثيرة، وصنف التفسير وكتاب الانتصار في الحديث، و «البرهان» و «القواطع» في أصول الفقه، و «الاصطلام» وغيرَ ذلك، ووعظ في مدينة نيسابور، وكان يقول: ما حفظتُ شيئًا فنسيتُه.
وسئل عن أخبار الصفات فقال: «عليكم بدين العجائز وصبيان الكتاتيب»، وسئل عن الاستواء فقال:
جئتماني لتعلما سر سعدى * تجداني بسر سعدى شحيحا
إن سعدى لمنية المتمني * جمعت عفة ووجهًا صبيحا» اهـ.
* وأما كتابه في الأصول «قواطع الأدلة» فمن أهم ما صنّفه أهل السنة والجماعة في أصول الفقه، ومع ذلك فقد اعترف المصنفون في الأصول على طريقة المتكلمين بتحريره وإتقانه وعلو كعبه.
* قال البدر الزركشي الأشعري في مطلع «البحر» عن «قواطع الأدلة»: «القواطع لأبي المظفرِ بنِ السمعانيِّ وهو أَجلُّ كتابٍ للشافعيةِ في أصولِ الفقهِ نقلًا وحجاجًا» اهـ.
* ومن عجائب طبقات التاج ابن السبكي رفْعَه لأمر الإمام أبي المظفّرِ وكتابه جدًّا بلا غمز ولا لمز، ما هو معروف به من الإغراق في التمشعرِ والحطِّ على أهل السنّة في طول كتابه وعرضِه حتى قال بعضهم كاد كتابه أن يكون طبقات الأشعرية!
نقل ابن السبكيُّ عن أبي سعدٍ حفيدِ المترجَم قولَه في جدّه: «وصنفَ في أصولِ الفقهِ القواطعَ وهو يُغني عن كلِّ ما صُنفَ في ذلك الفنّ» اهـ
نقلَه وسَكت!
بل قال التاجُ نفسُه (5/ 343): «قلتُ: ولا أعرفُ في أصولِ الفقهِ أحسنَ مِن كتابِ القواطعِ ولا أجمعَ، كما لا أَعرفُ فيه أَجلَّ ولا أَفحلَ مِن برهانِ إمامِ الحرمين، فبينهما في الحسنِ عمومٌ وخصوصٌ» اهـ.
ولعلّ هذا غايةُ ما يمكن مِن مثل ابن السبكيّ.
* وعدّ الشيخ الجيزاني أبا المظفر ثانيَ سبعةٍ هم أعلامُ منهج أهل السنة والجماعة في أصول الفقه مع إمام الدنيا محمد بن إدريس، وشيخَي الإسلام، وابن قدامة، والفتوحي، ومحمد الأمين الشنقيطي.
* ومما قاله الإمام أبو المظفر نفسه في مقدمة «قواطع الأدلة»: «وقد كانت جماعة من أصحابي - أحسن الله تعالى لهم التولي والحياطة - يطلبون مجموعًا في أصولِ الفقهِ تستحكم لهم بها معاني الفقه ويقوى أزرها ويجتمع أشدها وينسق فروعها ويرسخ أصولها، فإن مَن لم يعرف أصول معاني الفقه لمْ ينجُ من مواقع التقليد وعُدَّ من جملة العوام.
¥