تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيا: قولهم {لا في محل} وهذا كذلك باطل، وذلك ان الإرادة صفة لله -تعالى - وهي ملازمة لذاته المقدسة.

رأي المعتزلة

يرى المعتزلة أنه يشترط للأمر إرادة الآمر امتثال المأمور للمأمور به. انظر المغني 17/ 22.

قال أبو الحسين البصري - رحمة الله عليه - {و الفعل الواقع على وجه دون وجه يحتاج عند أصحابنا إلى إرادة} المعتمد 1/ 165.

- أدلتهم:

قالوا: إن الصيغة - يقصدون صغة الأمر - مترددة بين أشياء، فلا ينفصل الأمر منها مما ليس بأمر إلا بإرادة.

قال أبو الحسين البصري -رحمة الله عليه - {إن صيغة الأمر يجوز استعمالها في التهديد و الإباحة، وغنما يتميز منها بالإرادة، فهي كافية في ثبوت حقيقة الأمر} المعتمد 1/ 70.

لتوضيح مثالهم أكثر.

1: ان صيغة الأمر ترد و المراد بها الأمر كقوله تعالى {و أقيموا لاصلاة}.

2: وترد صيغة الأمر وراد بها الإباحة كقوله تعالى {و إذا حللتم فاصطادوا}.

3: وترد صيغة الأمر و يراد بها التهديد كقوله تعالى {اعملوا ماشئتم}.

4: وترد صيغة الأمر و يراد بها الهوان كقوله تعالى {اخسأوا فيها ولا تكلمون}.

ولا يتميز الأمر من بين هذه الضروب إلا بالإرادة، فدل ذلك على أنها شرط عندهم.

وهناك أدلة أخرى غير هذا لا داعي لحصرها.

الرأي المخالف للمعتزلة

المخالفون لرأي المعتزلة على فريقين:

الأول: ينفي اشتراط الإرادة للأمر نفيا مطلقا {قلت: وإن كان في كلمة نفيا مطلقا تجوز ظاهر، لأنه ليس هناك دليل على نفيهم للإرادة مطلقا}.

قال ابن برهان - رحمة الله عليه - {ليس من شرط الأمر إرادة الآمر امتثال المأمور} الوصول إلى الأصول 1/ 131.

الثاني: يفرق بين الإرادة الكونية و الإرادة الشرعية، بحيث يكون الأمر مستلزما للإرادة الدينية دون الإرادة الكونية.

-أدلتهم إجمالا:

إن الله أمر نبيه إبراهيم - عليه السلام - بذبح ابنه ولهذا قال تعالى حكاية عن اسماعيل - عليه السلام - يا أبت افعل ما تؤمر}.

ولم يرد سبحانه وتعالى منه ذلك، إذ لو أراده لوقع منه حتما، لأنه فعال لما يريد.

الخلاصة مع بيان القول الراجح وثمرة الخلاف

رأي المعتزلة في هذه المسألى مبني على أن الإرادة من لوازم الأمر بحيث لا يكون الأمر أمرا بمجرد صيغته، و إنما بإرادة إحداثه، و الحكمة عندهم تأبى أن يأمر الحكيم بشيء لا يريده.

واشتراطهم الإرادة في الأمر مسلم غالبا عند الفريق الثاني الذين قالوا {الأمر و النهي يستلزم طلبا و إرادة من الآمر ..... } انظر الموافقات 3/ 119 - 121.

وذلك إذا كان مقصود المعتزلة من اشتراط الإرادة التي يستلزمها الامر وهي الإرادة الدينية دون الإرادة الكونية.

و الذين شنعوا على المعتزلة وقالوا بنفي الإرادة نفيا مطلقا فإنهم لم يسلموا للمعتزلة هذا الشرط، وشنعوا عليهم بأنه يلزم من قولهم باشتراط الإرادة في الآمر أن تكون إرادة الكافر غالبة لإرادة الله تعالى، لأن الله تعالى أمره بالإيمان وهو - أي الكافر - أراد لنفسه الكفر، فتحقق مراده دون مراد الله تعالى شأنه وتقدس.

قال الدكتور الضويحي - حفظه الله تعالى - {و الذي آراه - ونراه نحن كذلك - أن هذا اللازم غير صحيح، لأن الكافر إنما أراد الله تعالى منه الإيمان شرعا ولم يرد منه كونا، إذ لو أراده منه كونا لآمن، فعدم إيمانه ليس ناشئا عن إرادته بل عن إرادة الله تعالى الذي قضى عليه بالكفر فبقي مصرا على كفره} انتهى.

القول الراجح.

الإرادة على قسمين:

1: إرادة كونية قدرية، وهي المشيئة الشاملة لجميع الحوادث، لا يخرج عن مرادها شيء.

2: إرادة شرعية دينية، وهي المتضمنة للمحبة و الرضا.

وبناء على هذا أن الأمر الشرعي لا يستلزم الإرادة الكونية القدرية، لأنها قد تختلف عنه فقد يأمر الله تعالى شرعا بما لا يريده كونا وينهى شرعا عما اراده كونا.

أما الإرادة الشرعية المتضمنة للمحبة و الرضا فغن الأمر يستلزمها، فلا يأمر الله تعالى إلا بما يريد ولا ينهى إلا عما يريد.

ثمرة الخلاف.

الثمرة على قسمين أصولية وفقهية.

أما الأصولية.

1: قول المعتزلة بعدم جواز أن يامر الله تعالى المكلف بما يعلم أنه لا يمكن، ويحال بينه وبينه.

2: قولهم بعدم جواز أن يأمر المكلف بما يعلم منه لا يفعله.

3: قولهم بعدم جواز نسخ العبادة قبل التمكن من فعلها.

أما الفقهية.

فليس للخلاف في هذه المسألة ثمرة عملية فيها.

و الله المستعان

يتبع .....

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[26 - 12 - 08, 12:54 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الإرادة على ثلاث أقسام.

الأولى: إرادة إيجاد الصيغة وهي شرط اتفاقا.

الثانية: إرادة صرف اللفظ من غير جهة الأمر إلى جهة الأمر، وهذه الإرادة اشترطها المتكلمون دون الفقهاء.

الثالثة: إرادة الإمتثال، وهي محل النزاع بين جمهور الأصوليين و المعتزلة.

وقد ذكر هذه الثلاث الإمام وحجة الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير