تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الطرديات الفن الأدبي الذي ولد في العصر الجاهلي و ترعرع في العصر العباسي]

ـ[ابو يعقوب العراقي]ــــــــ[20 - 06 - 09, 08:50 م]ـ

[الطرديات الفن الأدبي الذي ولد في العصر الجاهلي و ترعرع في العصر العباسي]

[ QUOTE]

الطرديات (جمع طردية: بفتح الطاء والراء)

هي القصائد التي يكون موضوعها الصيد، وهو فن جديد في الشعر نشأ ليواكب اهتمام بعض شعراء الاسلام بهذه الهواية الممتعة المفيدة، وكان الصقر الأداة

المثالية التي مارس بها أجدادنا العرب هوديتهم هذه منذ أمد سحيق، فقد ذكر الدميري صاحب حياة الحيوان

أن أول من صاد بالصقر هو الحارث بن معاوية بن ثور، وأطرف من هذا أن حمزة بن عبدالمطلب -

رضي الله عنه - أشهر إسلامه إثر عودته من رحلة صيد وهو يحمل صقره على يسراه، وان الخليل بن أحمد - رحمه الله - كان له - مع سعة آدابه وعلمه - باز يصطاد به، وورد في مقدمة ابن

خلدون عند الحديث عن ميزانية بغداد قبل ألف ومائة عام أن البزاة والصقور شكلت جزءا من الموارد التي

تجبيها الدولة من الجزيرة وما يليها من أعمال الفرات، هذا الى ما كان يصرف يوميا على الصيادين

وعلى رعاية الجوارح وعلاجها. والى اليوم لا يزال هذا الارث المترسب في أعماق الخليج دائب

الحركة عبر رحلات صيد قد تمتد أياما وأسابيع!.

ويبدو من وثائق التاريخ أن المقاربة قبضوا على الأثر، وعضوا عليه بالنو اجز، بل عانقوا الغاية القصوى

في الاحتفاء بالصقر، أو ما نسميه الى اليوم: الطير الحر، ومن ثمة وجدنا رسمه على الرايات والأعلام

في قصور قرطبة وهي تستقبل بني إدريس على ما يرويه ابن حيان في مقتبسه، ولابد أننا قرأنا في عهد

المنصور الموحدي (توفي 595هـ) عن ترجمة القائد محمد بن عبدالملك بن سعيد الغرناطي الذي كان

يخرج للصيد فيسمع لركبه دوي جلاجل البزاة ومناداة الصيادين ونباح الكلاب، وأن السلطان أبا الحسن

المريني أهدى للملك الناصر في مصر تشكيلة من البزاة والصقور بلغت أربعة وثلاثين طيرا ... (!)

يُعدّ أبو نواس أكبر شعراء الطرديات في الشعر العربي، وأكثرهم تمثيلاً

لما بلغته هواية الصيد في العصر العباسي من رقي وتحضر، وأكثر طرديات أبى نواس

تدور حول صيد الكلاب، وقد كان القدماء يصيدون على الفرس، ويقبحون في الغالب

كلاب الصيد، وتصور الطرديات الكلب تصويراً قوياً، وخلعت عليه أجمل الأوصاف من

شجاعة وخفة وبراعة في الوثوب على الفريسة واقتناصها. وأبو نواس حين يصور

الكلب يبين لنا شدة عناية صاحبه به، فهو يبيت إلى جانبه، وإن تعرى كساه ببرده

حتى لا يصيبه مكروه، وهو يصف الكلب بأنه واسع الشدقين، طويل الخد، واسع الجري

حتى أن رجليه لا تمسان الأرض، ولهذا فصيده مضمون. يقول:

أنْعتُ كلباً ليس بالمسْبوق**********

***********مُطهَّماً يجرى على العُرُوقِ

جاءتْ به الأمْلاك من سَلوق*******

********** كأنَّه في المِقْود المَمْشُوقِ

إذا عدا عدوةً لا معوق**********

********* يلعب بَيْن السَّهْلِ والخُروقِ

يَشْفي من الطّردِ جَوَى المَشوقِ********

**********فالوحش لو مرَّت على العيوقِ

أنزلها داميةَ الحُلوق *************

************ذاك عليه أوْجبُ الحُقوقِ

لكل صيَّاد به مرزْوقِ

وقد وصف أبو نواس، إضافة إلى الكلب، الفهد، والبازى، والصقر، والفرس،

وديك الهند، والأسد. ومما وصف به أبو نواس ديك الهند قوله:

أنْعَت ديكاً من ديوك الهِنْد ***********

*********أحْسنُ من طاووس قصر المَهدى

أشجع من عارى عرين الأسد***********

****** ترى الدّجاجَ حوله كالجُنْدِ

يُقَعين منه خِيفَةً للسَّفْد**************

***** له سقاعٌ كَدوىِّ الرَّعْدِ

مِنْقارُهُ كالمِعْوَل المُمَدِّ***************

****يقهر ما ناقرهِ بالنَّقدِ

وكثيراً ما يصف في طردياته رحلات الصيد كما في أرجوزته:

لمَّا تبدَّى الصُّبْحُ من حِجابِه كطلعةِ الأشْمَط من جِلْبابهْ

وانْعَدل اللَّيْلُ إلى مآبهِ**********

********* كالحَبشي افْترَّ عن أنيابهْ

هِجْنا بكلبٍ طالما هِجْنا بهْ*********

*********ينتسف المِقْوَدِ مِن كلابهْ

تراهُ في الحَضْر إذا هاهابهْ ********

**********يكاد أن يخْرجَ مِن إِهابِهْ

ولأبي نواس نحو خمسين طردية تتميز جميعها بالجودة. وكان الخليفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير