تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عضو، أم عضوة، ومسائل أُخَر

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[18 - 06 - 09, 05:51 ص]ـ

عضو، أم عضوة، ومسائل أُخَر

نصَّ مجمعُ اللغة العربيةِ بالقاهرةِ على هذا القَرار: (لا يجوزُ في ألقابِ المناصبِ والأعمالِ اسمًا كانَ أو صفةً أن يّوصفَ المؤنّثُ بالتذكيرِ؛ فلا يقالُ: فلانة أستاذ، أو عضو، أو رئيس، أو مدير) (1).

وهذا القَرارُ تخليطٌ فاحشٌ.

وأنا مبتدئ في تفصيل هذه المسألة بذكرِ ما هداني إليه الاستقراءُ أوَّلاً:

الأسماءُ نوعانِ: جامدةٌ، ومشتقةٌ؛ فأما المشتقةُ، فالأكثر فيها أن يُفصَلَ مؤنَّثُها عن مذكرِها بالتاءِ، أو بغيرِها من علاماتِ التأنيثِ؛ نحوُ: (ذاهب، وذاهبة). وربَّما لزمتِ العربُ تذكيرَه في بعض الأبنيةِ، كـ (فَعول) بمعنى (فاعل)، وكـ (مِفعال). فأما إذا كانَ معنى المشتقِّ مما يغلبُ أن يقومَ بالمذكَّرِ؛ فإنَّ لكَ فيهِ وجهينِ: أحدُهما أن تجرِّدَه من التاءِ مطلقًا. والآخرُ أن تبقيَه على الأصلِ؛ فتفصلَ مؤنّثَه عن مذكرهِ بالتاءِ. والأولُ أحسنُ. ومن أمثلةِ هذا الضربِ قولك: (الشاهد، والشاهدة)، و (أمير المؤمنين، وأميرة المؤمنين)، و (الوكيل، والوكيلة)، و (الرئيس، والرئيسة)، و (المُدير، والمُديرة). وأما الجامدةُ، فإن كانت ممَّا له مذكرٌ ومؤنثٌ حقيقيانِ، فإنه يجِبُ تأنيث مؤنثه، وتذكير مذكره. وقد استعملَ العربُ لذلك ثلاثةَ أوجهٍ؛ الأولُ: أن تفصلَ المؤنثَ عن المذكرِ بلفظٍ يخالفُه، كما قالوا: (حمار، وأتان)، و (تيس، وعنز). وهو الأكثرُ. الثاني: أن تفصِل المؤنثَ عن المذكر بالتاءِ، كما تفعلُ في المشتقِّ؛ ومن ذلكَ (أسَد، وأسدة)، و (حمار، وحمارة). الثالث: أن تجعلَ للمذكر والمؤنث لفظًا واحدًا، إمَّا مختومًا بالتاءِ، وإما غيرَ مختومٍ؛ فمن الأولِ نحوُ (فرس). ومن الثاني نحوُ (حمامة). وللتفصيلِ في هذا، والتعليلِ مَقامٌ آخرُ.

وأما الاسمُ الجامدُ الذي ليسَ له مذكرٌ ومؤنّثٌ حقيقيانِ، فإنَّ العربَ تستعملُ له لفظًا أو ألفاظًا، ولا تلتزمُ فيهِ وجهًا؛ فربما جعلوه مذكَّرًا؛ نحو (قَلَم)، و (قمَر). وربما جعلوه مؤنثًا، إما تأنيثًا بعلامةٍ؛ نحو (ظُلْمة)، أو بغيرِ علامةٍ؛ نحو (شمس). وربما جعلوه مذكّرًا مؤنثًا؛ نحو (حالٍ)، و (دِرْعٍ). وهذا الضربُ - أعني غيرَ الحقيقي - ليسَ له وجهٌ ثابتٌ في لُغاتِ العالَمِ؛ بل هيَ في أمرٍ منه مختلِفٍ.

فهذا سبيلُ الاستقراء، قدَّمناه إليكَ موجَزًا.

أما بيانُ وجهِ القياسِ في ذلكَ، فنقولُ:

لا يخلو ما يرِدُ عليك أن يكون أحدَ ضربينِ:

الضربُ الأول: أن يَّكون لفظًا مشتقًّا؛ وهو هنا اسمُ الفاعل، والمفعول، وصيغ المبالغة، والصفة المشبهة، أو لفظًا موافِقًا في معناه لمعنَى المشتقِّ، كـ (أستاذ)، و (تلميذ)؛ ألا ترَى أن معنَى (أستاذٍ): (معلِّم) (2)، و معنى (تلميذٍ): (متعلِّم) (3). وهذا الضربُ تنحو بهِ نحوَ ما ذكرنا من تذكيرِ مذكرِه بطرحِ التاءِ، وتأنيثِ مؤنثِه بزيادتِها؛ فتقولُ: (أستاذ، وأستاذة)، و (تلميذ، وتلميذة)، كما تقول: (قائم، وقائمة). والعربُ كثيرًا مَّا تحملُ الشيءَ على الشيءِ لعُلقةٍ بينَهما في المعنى، وإن لم يجرِ لفظُه على قياسِه، كما فعلوا في بعضِ الأسماءِ الجامدةِ في النعتِ، والحالِ. وممَّا يشهد لهذا أنهم جمعوا الأوَّل منهما جمعَ مذكَّرٍ سالمًا؛ فقالوا: (الأستاذُونَ)؛ إذ كانَ بهذا المعنى. ولولا ذلكَ، لما جازَ. وممَّن صنَعَ هذا ابنُ قتيبة (4)، والحريريّ (5). ولو جمعتَ (تلميذًا) على (تلميذِين)، لم تكن مخطئًا.

فإن قلتَ:

وأيُّ شيءٍ أجازَ لهم هذا؟

قلتُ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير