تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَسْبَابُ وَضْعِ النَّحْوِ، وَالاِخْتِلاَفُ فِي وَاضِعِهِ (ياسر محمد مطره جي)

ـ[أبوعمار السوري]ــــــــ[07 - 08 - 09, 04:06 م]ـ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

أَسْبَابُ وَضْعِ النَّحْوِ، وَالاِخْتِلاَفُ فِي وَاضِعِهِ:

بعدَ حمدِ الله، والصّلاةِ على رسولِ اللهِ، والسّلامِ على أحبابِ الله، فَمَا أَكْثَرَ الَّذِيْنَ تناولوا البحثَ في تاريخ النَّحْو، وتحدّثوا عن نشأته الأولى؛ وما أكثرَ الآراءَ الَّتِي ذُكِرَتْ في هَذَا المجال؛ ذَلِكَ أَنَّ الخلافَ -مُنْذُ القرونِ الأُولى- دَائِرٌ بَيْنَ العُلَمَاءِ فِي هَذَا الموضوعِ، وَالرِّوايات متباينة فيه [1] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn1).

فَإِذَا كان جَمْعُ القرآنِ يُمَثِّلُ الخطوةَ الأُولى في سبيلِ العنايةِ بِهِ، فَإِنَّ وَضْعَ النَّحْوِ يُمَثِّلُ الخطوةَ الثَّانِيةَ فِي سُبُلِ المُحَافَظَةِ عَلَى سَلاَمَةِ أَدَاءِ نُصُوصِهِ، بَعْدَ أَنْ أَخَذَ اللَّحْنُ يشيعُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ [2] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn2).

فَلَمْ يَكُنْ نُزُوْلُ الوَحْيِ الكَرِيْمِ قَلْبَاً لِلْجَوَانِبِ العَقَديَّةِ فِي حَيَاةِ النَّاسِ فحسب، بل كانَ أَيْضَاً، قلباً للعادات اللُّغَوِيَّة الَّتِي نشؤوا عليها؛ إذ واجه العربَ في قراءةِ القرآن، ظواهرُ لم يكونوا في سَلائِقِهِم الَّتِي فُطِروا عليها، مُتَّفِقِيْنَ، وكان مِنْهَا تعدّدُ اللَّهجات، واختلافُها في القربِ من لغةِ القرآن، أو البعد عنها؛ لذَلِكَ كان لا بُدَّ لهم من المرانِ، حَتَّى يألفوا النّصَّ الجديد [3] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn3)، وَمِنْ هُنَا يستطيع الدَّارس -كما يقول الدُّكْتُور أَحمد محمّد قدّور-: «أَنْ يَتَفَهَّمَ دَوَافِعَ اللُّغَوِيِّيْنَ الَّذِيْنَ انطلقوا إلى جمعِ اللُّغَة، للحفاظِ على الصُّورةِ المُثْلى للغتهم، الَّتِي ما استساغوا لها أَنْ تتعرَّضَ للّحنِ والتَّحريفِ؛ وَقَدْ قَرَّ فِي نفوس ذَلِكَ النَّفرِ مِنَ اللُّغَوِيِّيْنَ الأوائلِ، أَنَّ العَرَبِيَّة إرثٌ غالٍ، يجبُ نقلُهُ إلى الأجيالِ التَّاليةِ، صحيحاً لا خللَ فيه ولا نقصَ؛ ومِنَ المُؤَكَّدِ أَنَّ كَوْنَ العَرَبِيَّةِ لُغَةٌ لِلْدِّيْنِ الجديدِ، الَّذِي أَتَى بِالقُرْآنِ الكَرِيْمِ مُعْجِزَةِ الوَحْيِ، قَوَّى ذَلِكَ المقصدَ، بل جعلَهُ واجباً دينيَّاً في معظمِ الأحوالِ» [4] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn4).

وَقَدْ أَجْمَعَ الَّذِيْنَ تَصَدَّوا لِنَشْأَةِ علومِ العَرَبِيَّةِ عَلَى أَنَّ القُرْآنَ الكَرِيْمَ، كَانَ الدَّافِعَ الرَّئِيْسَ لعُلَمَاء السّلف إلى وضعِ علمِ النَّحْوِ والإِعرابِ؛ ذَلِكَ أَنَّ ظهورَ اللَّحْن، وتفشّيَهُ في الكلام، وزحفَهُ إلى لسانِ مَنْ يتلو القرآن، هو الباعثُ على تدوين اللُّغَة، واستنباط قواعد النَّحْوِ منها [5] ( http://www.hutteensc.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=64#_ftn5)؛ خشيةَ أَنْ ينغلقَ القرآنُ الكريمُ، والحديثُ الشّريفُ على الفهم؛ وذَلِكَ أَنَّ الاختلاط بالأعاجم والمدنيّة، من أهمّ الأسباب الَّتِي ساعدت على البعد عن العَرَبِيَّة الفُصْحَى.

وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ التَّفكيرَ فِي علمِ النَّحْوِ يعودُ إِلَى ظاهرةِ شيوعِ اللَّحْنِ، وَالخشيةِ عَلَى القُرْآنِ مِنْهَا؛ وَذَلِكَ لأَنَّ رغبةَ العَرَبِ المُسْلِمِيْنَ فِي نَشْرِ دِيْنِهِمْ إِلَى الأَقْوَامِ المختلفةِ، أَنْشَأَ أَحْوَالاً جديدةً فِي وَاقِعِ اللُّغَةِ، مَا كَانَ العَرَبُ يَعْهَدُونَهَا مِنْ قَبْلُ؛ إِذْ كَانَتِ الفطرةُ اللُّغَوِيَّةُ قَبْلَ الإِسْلامِ، سليمةً صافيةً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير