تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[**سلسلة المنتقى من بطون الكتب ((1)) **]

ـ[أبو الفرج المنصوري]ــــــــ[05 - 06 - 09, 02:33 ص]ـ

"سلسلة المنتقى من بطون الكتب"

هذه سلسلة أجمع فيها الدرر الكامنة، والفوائد المستحسنة المودعة في بطون الكتب، والغرض منها: رفع هِمَّتي في استكمال ما بدأته من قراءاتي، بإلزام نفسي قدر معين، وإفادة إخواني بهذا الكم الهائل من الفوائد والشوارد المودعة في بطون الكتب. وستكون على هيئة مجموعات

وستكون المجموعة الأولى _إن شاء الله_ "كتب الأدب"، ونبدأ بكتاب (أدب الكاتب) لابن قتيبة _رحمه الله_

فأقول: هذه مقتطفات استحسنتها من كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة _رحمه الله_ تشحذ الذهن، وتصلح اللسانان، وتنمي العقل، وتزيد المعرفة، أعرضها عليكم؛ ليعرف مضمون الكتاب من لم يعرفه ولم يطلع عليه، ويستفاد من درره من يعرفه ولم يطلع عليه، ويسترجع قراءته وفوائده أو يثبتها من يعرفه واطلع عليه، وهو من أصول كتب الأدب الأربعة التي ذكرها ابن خلدون _كما تعلمون، حيث قال: [أصول هذا الفن وأركانه أربع دواوين، وهي:

"أدب الكاتب" لابن قتيبة،،،، "الكامل" للمبرد،،،، "البيان والتبيين" للجاحظ،،،، "والنوادر" أبي علي القالي،

وما سوى هذه الأربعة فتبعٌ لها وفروعٌ عنها.]

وابدأ مُستعينًا بالله:

(التنطع في استخدام الألفاظ) قال أبو محمد بن قتيبة_رحمه الله_ في أثناء ذمه لعلم المنطق:

قال: لقد بلغني أن قومًا من أصحاب الكلام سألوا محمدَ بنَ الجَهْمْ البرمكيَّ أن يذكر لهم مسألة من حد المنطق حسنة لطيفة فقال لهم: ما معنى قول الحكيم: (أولُ الفكرة آخرُ العمل، وأولُ العمل آخر الفكرة؟!!)

فسألوه التأويل، فقال لهم: مثَلُ هذا كمثلِ رجل قال: (إني صانع لنفسي كِنًّا) فوقَعَتْ فكرتُه على السقف، ثم انحدر فعلم أن السقف لا يكون إلا على حائط، وأن الحائط لا يقوم إلا على أُسّ، وأن الأُسَّ لا يقوم إلا على أصل، ثم ابتدأ في العمل بالأصل ثم بالأسِّ ثم بالحائط ثم بالسقف فكان ابتداء تفكره آخرَ عمله، وآخرُ عمله بدءَ فكرته، فقال: فأيةُ منفعةٍ في هذه المسألة؟ وهل يجهل أحد هذا حتى يحتاج إلى إخراجه بمثل بهذه الألفاظ الهائلة؟ ... فقال ابن قتيبة: فالحمد لله الذي أعاذ الوزير أبا الحسن - أيده الله - من هذه الرذيلة، وأبَانَه بالفضيلة، وحَبَاه بخيم السلف الصالح، وردَّاه رِداء الإيمان، وغشّاه بنوره، وجعله هُدًى من الضلاَلات، ومصباحاً في الظلمات ...

(الأدب الحقيقي عند ابن قتيبة) قال أبو محمد:

ونحن نستحبُّ لمَنْ قَبَل عنا وائتمَّ بكتبنا أن يؤدِّب نفسه قبل أن يؤدبَ لسانه، ويهذِّبَ أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه، ويصونَ مُرُوءَته عن دناءة الغِيبة وَصِنَاعَتَهُ عن شَيْن الكذب، ويجانب - قبل مجانبته اللحنَ وَخَطَل القول - شنيعَ الكلام وَرَفَثَ المَزْح

كان رسول الله - ولنا فيه أُسْوَة حسنة - يمزح ولا يقول إلا حقاً ومازَحَ عجوزاً فقال: (إن الجنة لا يدخلها عجوز) وكانت في عليٍّ عليه السلام!!!، دُعَابة، وكان ابن سِيرِينَ يمزح ويضحك حتى يسيل لُعابه).

(درب نفسك) قال أبو محمد:

ونستحبُّ لهُ - إن استطاع - أن يَعْدِلَ بكلامه عن الجهة التي تُلْزِمه مستثقَلَ الإِعراب ليَسْلم من اللحن وقباحة التقعير، فقد كان وَاصِلُ بن عَطَاءِ سامَ نفسَه للُثْغَةٍ إخراجَ الراء من كلامه، ولم يزل يَرُوضها حتى انقادت له طِبَاعُه، وأطاعه لسانه، فكان لا يتكلم في مجالس التناظُر بكلمة فيها راء!!،وهذا أشَدُّ وأعسر مَطْلَبًا مما أردناه.

(اعلم من تخاطب) نستحبُّ لهُ أيضاً أن يُنَزّل ألفاظه في كتبه فيجعلها على قدر الكاتب والمكتوب إليه، وأن لا يعطَى خسيسً الناس رفيعَ الكلام، ولا رفيعَ الناس وضيعَ الكلام، فإني رأيت الكُتَّاب قد تركوا تفقّدَ هذا من أنفسهم، وخلَّطُوا فيه، فليس يفرقون بين من يكتب إليه (فَرَأْيَكَ في كذا) وبين مَنْ يكتب إليه (فإنْ رأيت كذا) و (رأيك) إنما يُكْتَبُ بها إلى الأكفاء والمساوِينَ لا يجوز أن يكتب بها إلى الرؤساء والأستاذِينَ؛ لأن فيها معنى الأمر ولذلك نُصِبَتْ ولا يَفْرُقون بين من يكتب إليه (وأنا فعلْتُ ذلك) وبين من يكتب إليه (ونحن فعلنا ذلك) و (نحن) لا يكتب بها عن نفسه إلا آمِرٌ أو نَاهٍ؛ لأنها من كلام الملوك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير