تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من أهم ما يلاحظ على الشعر الجاهلي أنه كامل الصياغة؛ فالتراكيب تامة ولها دائمًا رصيد من المدلولات تعبر عنه، وهي في الأكثر مدلولات حسية، والعبارة تستوفي أداء مدلولها، فلا قصور فيها ولا عجز. وهذا الجانب في الشعر الجاهلي يصور رقيًّا لغويًّا، وهو رقي لم يحدث عفوًا فقد سبقته تجارب طويلة في غضون العصور الماضية قبل هذا العصر، وما زالت هذه التجارب تنمو وتتكامل حتى أخذت الصياغة الشعرية عندهم هذه الصورة الجاهلية التامة؛ فالألفاظ توضع في مكانها والعبارات تؤدي معانيها بدون اضطراب.

وقد يكون من الأسباب التي أعانتهم على ذلك أن الشعراء كما أسلفنا كانوا يرددون معاني بعينها؛ حتى لتتحول قصائدهم إلى ما يشبه طريقًا مرسومًا، يسيرون فيه كما تسير قوافلهم سيرًا رتيبًا، وكانوا هم أنفسهم يشعرون بذلك شعورًا دقيقًا، مما جعل زهيرًا يقول بيته المأثور -إن صح أنه له-:

مَا أَرَانَا نَقُوْلُ إلَّا معارًا أو مُعادًا من لفظنا مكرورا

فهو يشعر أنهم يبدءون ويعيدون في ألفاظ ومعان واحدة، ويجرون على طراز واحد طراز تداولته مئات الألسنة بالصقل والتهذيب؛ فكل شاعر ينقح فيه ويهذب ويصفي جهده حتى يثبت براعته. ولم تكن هناك براعة في الموضوعات وما يتصل بها من معان إلا ما يأتي نادرًا؛ فاتجهوا إلى قوالب التعبير، وبذلك أصبح المدار على القالب لا على المدلول والمضمون، وبالغوا في ذلك، حتى كان منهم من يخرج قصيدته في عام كامل، يردد نظره في صيغها وعباراتها حتى تصبح تامة مستوية في بنائها.

" تاريخ الأدب العربي / العصر الجاهلي ".

=

ويؤيد هذا الفهم ما ذُكر عن ابن عبد ربه في " العقد الفريد " من قوله:

لم تزل الاستعارة قديمةً تُستعمل في المَنظوم والمَنثور. وأحسن ما تكون أن يُستعار المنثور من المنظوم، والمَنظوم من المنثور. وهذه الاستعارة خفية لا يُؤبه بها، لأنك قد نقلت الكلام من حال إلى حال. وأكثر ما يجتلبه الشعراء ويتصرف فيه البلغاء فإنما يجري فيه الآخر على سنَن الأول. وقلَّ ما يأتي لهم معنى لم يَسبق إليه أحد، إما في مَنظوم وإما في مَنثور؟ لأن الكلام بعضه من بعض، ولذلك قالوا في الأمثال: ما ترك الأول للآخر شيئاً. ألا ترى أنّ كعب بن زُهير، وهو في الرَّعيل الأول والصدر المتقدم، قد قال ِفي شعره:

ما أرانا نقول إلا مُعاراً ... أو مُعاداً من قولنا مَكْرورا.

انتهى

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[30 - 07 - 09, 04:08 ص]ـ

ولا ننس ما كتبه أخونا الأديب الأريب واللغوي الجهبذ أبو مالك العوضي تحت عنوان:

" الأخطاء المكرورة عند المحققين ... وما أرانا نقول إلا معارا "

وفي آخره قال:

وإلى لقاء مع خطأ آخر مكرور

وما أرانا نقول إلا معارا ........ أو معادا من قولنا مكرورا

ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[30 - 07 - 09, 06:09 ص]ـ

جزاكم الله خيرا ..

هذا هو الموضوع:

الأخطاء المكرورة عند المحققين ... وما أرانا نقول إلا معارا

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=84206

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير