تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والضمير في الآية الأولى يعود على: إبليس، والثانية: على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والثالثة: على فرعون.

ب) عرض معنى " الاستفزاز " في الآيات الثلاث في كتب التفسير:

1. الاستفزاز في الآية الأولى: " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) ".

اتفق المفسرون على أن المقصود بالاستفزاز هنا: " الاستخفاف ". بحسب التفصيل التالي:

ـ ما ورد في تفاسير أهل السنة:

استفزِزْ: استخفهم بذلك [3]، واستزل واستخف، وأصله القطع. ومنه: تفزز الثوب، إذا انقطع. والمعنى: استزله بقطعك إياه عن الحق. واستفزه الخوف: أي استخفه. وقعد مستوفزاً: أي غير مطمئن. واستفزز أمر تعجيز، أي: أنت لا تقدر على إضلال أحد، وليس لك على أحد سلطان فافعل ما شئت. [4]

وفيه تهديد ووعيد من الله تعالى إلى الشيطان: " استزعج واستخف من استطعت من بني آدم، والمعنى: استخفهم بصوتك داعياً لهم إلى معصية الله ". [5]

فقوله: " واستفزز " أي: استخف من استطعت أن تستفزه منهم، فالمفعول محذوف لدلالة المقام عليه والاستفزاز الاستخفاف ". [6]

ـ ما ورد في تفاسير الشيعة:

واستفزز: أي: اخدع [7]، واستزِل [8]، واستخِف [9].

وفي هذه الآية: " الاستفزاز بالصوت: كناية عن استخفافهم بالوسوسة الباطلة " [10].

كل هذا يبيِّن اتفاق العلماء على تفسير الاستفزاز في الآية الأولى بالاستخفاف.

وواضح أن الاستفزاز (الاستخفاف) صادر من إبليس إلى أبناء آدم عليه السلام .. وهو استخفاف ناجح مع أوليائه منهم، وغير ناجح مع عباد الله المخلصين.

فعلاقة الشيطان بأوليائه علاقة استخفاف من سيد لعبيده، فهو لا يحترمهم بل يسوقهم كما تُساق الأنعام.

2. تفسير الآية الثانية: " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) ".

ـ ما ورد في تفاسير أهل السنة:

كثير من المفسرين اكتفوا بدلالة: " لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا " على تفسير المراد بالآية دون بيان معنى الاستخفاف فيها. [11]

إلا أن شيخ المفسرين الطبري [12] جعل الاستفزاز في الآية الكريمة مقدمة للإخراج، لا عَين الإخراج. حيث قال: " يقول عز وجل: وإن كاد هؤلاء القوم ليستفزونك من الأرض. يقول: ليستخفونك من الأرض التي أنت بها، ليخرجوك منها ". [13]

ومنهم من جَعَل المقصود: الإزعاج مقدمةً للإخراج: " ليزعجوك بمعاداتهم .. ليخرجوك منها ". [14]

وهناك من حملها على المعنى الظاهر للاستفزاز وهو الاستخفاف: كأن المشركين أرادوا " أن يستخفوه من أرض العرب بتظاهرهم عليه ". [15]

ـ ما ورد في تفاسير الشيعة:

بعض كتب التفسير ذكرت عدة معانٍ لمعنى الاستفزاز دون أن ترجح أحدها، فقد ذكر تفسير التبيان: القتل، الاستخفاف بالانزعاج، الإخراج من جزيرة العرب (لا مكة فقط). [16]

بينما رجح أكثرها تفسير الاستخفاف بالإزعاج. [17]

وذكر المفسر الشيعي المعاصر محمد جواد مغنية في تفسيره الكاشف كلاماً جديراً بالتأمل، فهو مفيد هنا: " لما عجز المشركون عن استدراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المساومة، حاولوا أن يستخفوه ويزعجوه بكل وسيلة ليخرجوه من مكة ... ولو أن المشركين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة وقسراً، بحيث يصبح .. لا يدري أين يتجه، لعجَّل الله في هلاكهم. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة، إنما خرج منها بأمر الله سبحانه وتعالى إلى قوم يفدونه بالأنفس والمال والعيال ". [18]

وبهذا يتضح أن الاستفزاز هو الاستخفاف والإزعاج مقدمةً للإخراج، وليس بمعنى الإخراج.

وأن محاولة الاستفزاز (الاستخفاف) هنا صادرة من كفار مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنها لم تنجح؛ فهم كادوا يستفزونه ولكنهم لم يستفزونه.

3. تفسير الآية الثالثة: " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) ".

ـ ما ورد من تفسير في كتب السنة: اختلفوا في تفسير ذلك إما بالإخراج أو القتل أو الاستخفاف ثم الإخراج.

أ) الإخراج:

أراد فرعون أن يُخرج موسى عليه السلام وبني إسرائيل من أرض مصر [19]، ويخليهم عنها. [20]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير